رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير
عبدالمجيد الشوادفي
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد شاهين
نائب رئيس مجلس الادارة
سيد عبدالعال

أخبار عاجلة

“أردوغان الحائر بين الماضي والحاضر”

LinkedIn
Twitter
Facebook

تعكس السياسة الخارجية لتركيا في الآونة الأخيرة تلك المقولة الشهيرة التي تصفها بالجمهورية الحائرة، مرت التحولات والتغيرات التركية بعدة تحولات مرحلية علي مدار العقدين الماضيين، التي لطالما استجابت لها تركيا من خلال هندسة تحولات لسياستها الخارجية على مستوى التوجهات والآليات والأدوات لتلبية مصالحها الوطنية العليا التي راهنت عليها تركيا لتحقيق دور إقليمي في قيادة المنطقة، وقد قدمت الدعم لبعض التنظيمات لتمكينها من الوصول للحكم، وقد بات هذا الأمر واضحا في السنوات الأخيرة في تعامل أنقرة مع أزمات الشرق الأوسط.

أردوغان في القاهرة بعد قطيعة دامت لأكثر من عشر سنوات، انتهت معها العنتريات والشعارات التي طالما تفوه بها في المناسبات ونصب نفسه بأنه حامي حمي العرب والمسلمين.

فلا شئ يوقف الرئيس التركي عن الاندفاع عن الاتجاه الذي يناسبه في مرحلة ما سوي الاصطدام بالجدار، وما أكثر الجدران التي اصطدم بها والاندفاعات التي تراجع عنها.

‏بعد انقطاع طويل وصاخب ومكلف عاد أردوغان إلي سياسة تصفير المشاكل مع اللاعبين البارزين في الشرق الاوسط، الأرقام سيدة الأحكام، ‏يحاول أردوغان إعادة تعويم الدور الاقليمي لبلاده باستعادة القدرة على التحدث إلي الجميع، لهذا يرسل اشارات ايجابية في أكثر من اتجاه، ‏لعبة أردوغان معقدة، مفاوضات هنا وتعزيزات هناك ومسيّرات هنالك.

كانت العودة إلى مبدأ صفر مشكلات ملمحا بارزا للسياسة التركية في 2023، نشط بقوة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتشكيل حكومة جديدة بالتركيز على العمق التركي الإقليمي في الشرق الأوسط، ونجحت هذه السياسة مع السعودية والإمارات، وصولاً إلى مصر التي توترت معها العلاقات لعقد كامل بسبب موقف إردوغان من سقوط حكم الإخوان المسلمين في عام 2013، انطلاقا من سعي تركيا لكسر عزلتها في المنطقة، التي زادت من إرهاق اقتصادها النازف، ومدفوعة بالتغييرات العالمية والإقليمية المتسارعة.

السياسة التركية عموما هي مصلحية وبراجماتية، منذ نشوء الدولة التركية بشكلها الحالي، وحتي لو اعتقد البعض والأسباب وجيهة في ذلك، أن هناك علاقة خاصة وغير متغيرة بين مشروع الحزب الحاكم والإسلام السياسي بنسخه العربية المتعددة؛ إلا أن حركات وجماعات الإسلام  السياسي خصوصا تلك القادمة من الدول العربية، ليس لها تأثير علي الأتراك، فهم لهم تجربة مختلفة، هم يرونها أرفع شأنا وأكثر تفوقا حضاريا وفكريا من هذه الأحزاب والحركات الاسلامية في مصر أو حتي بقية الدول العربية، الأتراك استخدموا هذه الجماعات لأقصي مدي كأدوات لتحقيق بعض غايات الوجود الاستراتيجي في المنطقة؛ إلا أنهم في ظني ليس لهم ارتباط مصيري بين الإثنين، مسألة التخلي عنهم والتخلص منهم، ليست مسألة حرجة أو ذات أهمية للأتراك، خاصة لو اصطدم التعاون معهم بمصالح سياسية واقتصادية حاسمة ومقلقة ومربكة للدولة التركية ونفوذها في العالم ومحيطها.

إن التساؤل المطروح حول مدى جدية القيادة التركية في الذهاب بعيداً في تحولاتها السياسية، في ملفات عديدة في المنطقة العربية واستعدادها للتعاون الدائم دون الانخراط في أعمال إرهابية ودعم بعض التنظيمات التكفيرية في سوريا والعراق، يكتسب مشروعية في ضوء سوابق تاريخية عنوانها التغيرات السريعة في توجهات السياسة الخارجية التركية تجاه العديد من القضايا،دأبت تركيا في الآونة الأخيرة إلي تقليل  التداعيات السلبية لحقبة السياسات العدوانية الخشنة وفشله في توظيف الانتفاضات العربية، وتتسم تلك المرحلة بتعزيز التحالفات القائمة وتحسين العلاقات الثنائية، وإدارة تضارب المصالح، واتباع دبلوماسية استباقية تحافظ على الاتصال مع جميع الأطراف خلال الأزمات، والاستفادة من دبلوماسية القمم متعددة الأطراف. ويتضح النهج الجديد بالفعل في جهود إصلاح العلاقات المتدهورة مع أربع دول شرق أوسطية مهمة هي مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل.

وعموما أن ملايين الدولارات أنفقت من دول مارست العداء تجاه مصر للإساءة للحكم فيها، ومحاولة التأثير على الجيش المصري وتشويه صورته على مدى سنوات ضمن خطة طويلة الأمد، كان هدفها إسقاط الدولة المصرية، ونشطت فضائيات في صُنع عشرات الأفلام والتقارير والبرامج لتحقيق ذلك الغرض، لكن النتيجة دائماً كانت فشلاً بامتياز، واللافت هنا أن مصر والسعودية والإمارات تعاطت بهدوء لافت وسلاسة مبهرة ودراسة وافية مع كل فعل وردود الفعل طوال الأزمة مع تركيا، وبدا واضحاً أن الدول الثلاث ماضية في مواجهة الإرهاب ولن تخضع لابتزاز أو تقبل بضغوط، وأن الإجراءات التي اتخذتها للتصدي للأنشطة الإرهابية التكفيرية ستبقى بل ستتصاعد.

وأخيرا انتصرت الدولة المصرية في حسم الملفات الشائكة بيها وبين تركيا سواء في سعي أنقرة والتقرب من أجل عودة العلاقات، أو في حسم الملف الليبي، الذي اعتبرته القاهرة تهديدا لأمنها القومي، وينذر بمزيد من تدويل الأزمة الليبية و أن الدعم العسكري يهدد جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة، وحددت مصر خطا أحمر في سرت والجفرة، وقالت إنها ستتصدى لأي تجاوز لهذه المنطقة، وأعلنت استمرارها لدعم الجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب والمرتزقة والتدخلات الإقليمية.

وأتمني أن تعود أنقرة إلي حاضنة العرب وليس من سياسة الكيل بمكيالين والحديث بوجهين وجه علني لإرضاء العرب والفلسطينيين، ووجه كالح خفي وسري للمحافظة على العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاستراتيجية المتطورة مع إسرائيل.

بقلم/ أحمد حساني المدير التنفيذي لمركز سعود زايد للدراسات البحثية والسياسية والاستراتيجية بالقاهرة

LinkedIn
Twitter
Facebook

إترك تعليق