سقوط إسرائيل قبل بلوغها ثمانين عاما

مقال الكاتب الصحفي الكبير الدكتور عبدالمجيد الشوادفي المنشور حالا بجريدة الأهرام في عددها الصادر الأحد الموافق ٢٠٢٥/٤/٢٠

لا توجد دولة في العالم تعيش الخوف من مدى إمكانية استمرار وجودها في المستقبل مثل إسرائيل وتملك التيار العلماني واللاديني فكرة عدم بقائها واستند في ذلك إلى الوقائع التاريخية لتكون جدلية بقاء الدولة وعمرها الافتراضي، وهذا ما تكشف بوضوح خلال السنوات الأخيرة في تصريحات قادة إسرائيل ومفكريها بعيدا عن المهتمين بنبوءات التيارات الدينية ونصوصها وأصبح يعرف كما يقول الكاتب الفلسطيني الدكتور عبدالله معروف تحت مسمّى لعنة العقد الثامن والتي ترجع فكرتها إلى رواية يكاد يتفق عليها المؤرخون الذين يتناولون تاريخ الوجود اليهودي السياسي، وهي أن عامة اليهود أقاموا لأنفسهم بفلسطين على مدى التاريخ القديم كيانين سياسيين مستقلين، وتهاوى كلاهما وسقطا في عقدهما الثامن من عمرهما، ولم يقم لليهود بعدهما أي كيان مستقل سياسيا بفلسطين على مدار التاريخ حتى قيام دولة إسرائيل الحالية عام 1948، وهي حاليا في منتصف عقدها الثامن، وهذا ما يعاظم تخوف الساسة والمفكرين الإسرائيليين أن تلحق بإسرائيل هذه اللعنة» التي ترتبط بالانقسام المجتمعي، وهو ما تشهده إسرائيل منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبدأ يأخذ طابع التفسخ وتطورات ما يعرف باسم «الانقلاب القضائي» في عهد حكومة نيتانياهو» اليمينية قبل معركة «طوفان الأقصي» التي لم تسهم كما يذكر الدكتور عبد الله معروف في توحيد المجتمع الإسرائيلي، ولكنها زادت في انقسامه احتجاجا على فشل الحكومة في إدارة المعركة، والتعامل مع ملف الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في غزة، كما أن غبار المعركة لم يمنع استمرار وتداول موضوع لعنة العقد الثامن في وسائل الإعلام لدى الإسرائيليين، ومازالت بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي تتناول هذه القضية بمزيد من الخوف والشك في نتائج هذه الحرب التي فاجأت إسرائيل وجعلتها في موقع متلقى الضربة الأولى مما يجعل المراقب الإسرائيلي العادى يشعر بأن فكرة لعنة العقد الثامن حقيقة .. وقد ربطت بعض التيارات الدينية المتشددة والمعارضة القيام إسرائيل ذلك بنصوص دينية للتخوف على مستقبل إسرائيل.
ويضيف الكاتب الفلسطيني أنه من المفارقات في هذا المجال أن لعنة العقد الثامن عرفتها شعوب أخري، بداية من الاتحاد السوفيتي الذي سقط في عقده الثامن، إلى الجمهورية الفرنسية الثالثة التي سقطت تحت الاحتلال الألماني في عقدها الثامن أيضا وغيرهم.. ويرجع المؤرخون ذلك إلى أن العقد الثامن في العادة يكون مرحلة حساسة في تاريخ أى دولة تبعا لكونه مرحلة ذروة حياة الجيل الثالث الذي لا يأخذ فكرة إمكانية انهيار مشروع الدولة على محمل الجد، ويلتفت أكثر لتناول المشاكل الداخلية وتعميقها بما يؤدى لاحقا لإضعاف الدولة كليا بسبب تفسخ المجتمع وتمحوره حول مشاكله، ويدلل الدكتور عبد الله معروف على ما ذكره قائلا: شاهدت محاضرة مسجلة بالفيديو للكاتب العراقي محمد أحمد الراشد، تناول فيها قصة حول جارتهم اليهودية العراقية عام 1948، وقد جاءت لبيتهم وهي تبكي بسبب قيام دولة إسرائيل، وقالت لوالدته: إن هذه الدولة ستدوم 76 سنة». وأضاف.. وفي لقاء على إحدى القنوات العربية مع مؤسس حركة حماس وزعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين يقول إنه يرى من خلال الاستشفافات التاريخية والقرآنية، أن إسرائيل لن ترى السنة الثمانين وأعطاها حتى عام 2027، ويأتي اليوم «إيهود باراك وبنيامين نيتانياهو ونفتالي بينيت، وكلهم شغلوا منصب رئيس الوزراء ليقولوا إن أمام إسرائيل تحديا كبيرا يتمثل في مدى إمكانية وصولها إلى
سن» الثمانين.
ويبقى من الثابت أن النبوءات مسألة جاذبة للشعوب وحامية لأصحابها، سواء القائمة على النصوص المقدسة أو الشخصيات المتخصصة، أو على النظرة العامة للتاريخ وقوانينه وأسلوب مساره، فإن الجامع بينها تمسك الشعوب بها، ورغبة بعضهم في تحقيقها، وخوف آخرين من حتميتها، لدرجة الشلل والعجز والذي يؤدى في النهاية لتحويلها إلى حقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى