غزة.. تعيد بناء العقل العربي

اللوحة: الفنان الفلسطيني يوسف كتلو
بقلم المفكر والشاعر د. سعيد شوارب
المعركة الآن على أرض غزة الطاهرة، هي فرصة نادرة لإعادة بناء العقل، واكتشاف الطريق، فهي تقدم لنا تفسيرا للقرآن طازجا، يؤكد للعالم تطبيقيا، أن كل معركة بلا إعدادٍ، لا معنى لها، وأن كل إعداد بلا عقيدة، لا معنى له، وأن الأعداد الكثيرة بلا إيمان، لا معنى لها، وأن جميع الخلق بلا يقين في وعد الخالق، لا معنى لهم، وأنك وأنت محاصر في أشد الظروف ضيقا، تستطيع أن ترجّ اتساع الجغرافيا، وأن تؤرق نوم التاريخ أيضا، وأنك إذا أويت إلى كهف الله واثقا، ينشرْ لكم ربكم من رحمته، ويهيئ لكم من أمركم مرفقا.
التحية كلها، والدعاء كله، لكتائب “حفاظ القرآن”، وهم مصممون على النصر، أو الاستشهاد.
شكرا، أيها العظماء.. علمتمونا أن ترتيل القرآن، والتأليف فيه، شيء، وأن تطبيقه والأخذ به، شيء مختلف.
***
أيها الإنسان، كن غزاويّا، تكن أعظمَ الناس..
ألم تلاحظ، أن طرفي الهدنة كانا، غزةُ وهي مهدومة محترقة، والعالمُ كله بكامل جيوشه؟؟
***
يستطيع فيلٌ هائجٌ همجيّ، أن يقتل آلاف النمل، في ضربةٍ حمقى، أو ضرباتٍ مجنونة، غير أن النملَ في حكمته، يبيّتُ له، فيلدغ بسُمّه عينيه، وينخر بمخرازه أذنيه.. وأشياءَه الأُخرى..
أيها الحيوان الأحمق، لن تجديَ عليك ضخامةُ أقدامك، ولا همجية خراطيمك..
***
سينقش التاريخ في ذاكرة الأجيال، أن الدواب كانت أوفى للحق، وأذكى، من الصهاينة العرب.
ليس الله بحاجة إلى الصهاينة المسلمين، حتى ينصر عباده في معركة الحق؟
تابع هذا الصوت غير المسلم، وهو يتفجر بالحق. تأملوا أصوات الكراهية الصهيونية الحاقدة، تلك التي يناصرها الغرب جميعا.. وسماسرة العرب جميعا.
ثم تأملوا إعلانه صلى الله عليه وسلم: “لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي وعد الله”
***
تزعم يهودُ أنهم حملوا التوراة منذ أكثر من ثلاثين قرنًا.. لقد حملوها كالحمار يحمل أسفارًا، كما يقررُ ربُّنا، منزلُ التوراة والإنجيل والقرآن، هل نسىَ هؤلاء، أن موسى، غاب عنهم أربعين يوما.. فقط أربعين يوما، يا راجل، فعبدوا العجل؟؟ فما إلههُم اليوم، وقد انصرم أكثرُ من أربعين قرنًا؟
***
لا تخافوا.. أمريكا ذاتها، خرجت ذليلةً من الصومال.. الصومال!.. من أفغانستان.. من العراق. تحزُّبهمُ الحاقدُ الشرس، حول مغتصب الأرض المقدسة، هو علامة بزوغ الفجر الصادق.
“ما ظننتم أن يَخرجُوا وظنّوا أنهم مانعتُهم حصونُهم من اللهِ فأتاهمُ اللهُ من حيثُ لم يَحتسبُوا
وقذَفَ في قلوبِهمُ الرعبَ”
اقرءوا إن شئتم، بشارة ربكم: “ولما رأى المؤمنون الأحزابَ قالوا هذا ما وعدَنا اللهُ ورسولُه وصدق الله ورسولُه وما زادهم إلا إيمانًا وتسليما”.
ليس في عمري أشرف من لحظة دست فيها بأقدام الجندي المصري، على شرف العنجهية الصهيونية في خط بارليف المحصن يوم العاشر من رمضان1973.