هكذا يتصور نتنياهو نهاية الحرب

بقلم/فارس خطاب
رغم كل الاحتجاجات العالمية على استمرار حرب الإبادة ضد سكان قطاع غزة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يبدو مكترثا بتفاعلات المجتمع الدولي مع مآسي المدنيين؛ سواء ما تعلق بالقتل الناتج عن سياسة التجويع المتعمد، أم بالاجتياح الكامل للقطاع، الذي يفضي في النهاية- وفق الخطة التي أقرها نتنياهو- إلى إعدام فرص البقاء والاستمرار في الحياة، وتحويل غزة إلى أرض محروقة بالكامل، وصولا إلى مرحلة “تهجير” السكان خارج القطاع.
هناك غموض إستراتيجي يلفّ نهاية الحرب على غزة. فبحسب مجلة الإيكونوميست، فإن إسرائيل غير قادرة على تحديد شكل واضح لهذه النهاية، وما يجري قد يكون حلقة من حلقات صراع طويل لا ينتهي بمجرد وقف إطلاق نار.
وتذهب صحيفة نيوزويك إلى أن حسم الحرب يمثل قرارا وجوديا لنتنياهو، فهو أمام خيار صعب: إما أن يقبل بوقف إطلاق النار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مسيرته السياسية، أو يواصل الحرب المدمرة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة، ونتنياهو من جهة أخرى، يواجهان ضغطا متصاعدا من المجتمع الدولي مع تزايد الدعوات لإنهاء الحرب.
فقد طالبت 28 دولة- بينها بريطانيا، وفرنسا، واليابان- بوقف العمليات فورا نظرا لما تحمله من أخطار إنسانية وقانونية دولية. وإزاء الموقف الحرج الذي تواجهه إسرائيل، والولايات المتحدة، عُقد اجتماع في البيت الأبيض يوم 27 أغسطس/آب، ووُصف رسميا بأنه “جلسة سياسة روتينية”.
تشير المعلومات إلى أن الاجتماع ركز على عدة محاور حاسمة، أبرزها: الأزمة الإنسانية وتوزيع المساعدات الغذائية في غزة، قضية الرهائن المحتجزين وسبل إطلاق سراحهم، وخطة ما بعد الحرب (post-war plan) لإدارة القطاع.
وقد أكد المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أن هناك خطة إنسانية شاملة قيد الإعداد، صُممت لتحقيق سلام طويل الأمد ضمن حل الدولتين، وأن اجتماعا كبيرا سيعقد في البيت الأبيض للتحضير لهذه الخطة.فلسطين
رغم كل الاحتجاجات العالمية على استمرار حرب الإبادة ضد سكان قطاع غزة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يبدو مكترثا بتفاعلات المجتمع الدولي مع مآسي المدنيين؛ سواء ما تعلق بالقتل الناتج عن سياسة التجويع المتعمد، أم بالاجتياح الكامل للقطاع، الذي يفضي في النهاية- وفق الخطة التي أقرها نتنياهو- إلى إعدام فرص البقاء والاستمرار في الحياة، وتحويل غزة إلى أرض محروقة بالكامل، وصولا إلى مرحلة “تهجير” السكان خارج القطاع.
هناك غموض إستراتيجي يلفّ نهاية الحرب على غزة. فبحسب مجلة الإيكونوميست، فإن إسرائيل غير قادرة على تحديد شكل واضح لهذه النهاية، وما يجري قد يكون حلقة من حلقات صراع طويل لا ينتهي بمجرد وقف إطلاق نار.
وتذهب صحيفة نيوزويك إلى أن حسم الحرب يمثل قرارا وجوديا لنتنياهو، فهو أمام خيار صعب: إما أن يقبل بوقف إطلاق النار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مسيرته السياسية، أو يواصل الحرب المدمرة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة، ونتنياهو من جهة أخرى، يواجهان ضغطا متصاعدا من المجتمع الدولي مع تزايد الدعوات لإنهاء الحرب.
فقد طالبت 28 دولة- بينها بريطانيا، وفرنسا، واليابان- بوقف العمليات فورا نظرا لما تحمله من أخطار إنسانية وقانونية دولية. وإزاء الموقف الحرج الذي تواجهه إسرائيل، والولايات المتحدة، عُقد اجتماع في البيت الأبيض يوم 27 أغسطس/آب، ووُصف رسميا بأنه “جلسة سياسة روتينية”.
تشير المعلومات إلى أن الاجتماع ركز على عدة محاور حاسمة، أبرزها: الأزمة الإنسانية وتوزيع المساعدات الغذائية في غزة، قضية الرهائن المحتجزين وسبل إطلاق سراحهم، وخطة ما بعد الحرب (post-war plan) لإدارة القطاع.
وقد أكد المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أن هناك خطة إنسانية شاملة قيد الإعداد، صُممت لتحقيق سلام طويل الأمد ضمن حل الدولتين، وأن اجتماعا كبيرا سيعقد في البيت الأبيض للتحضير لهذه الخطة.
إذن، تم تدارس خطة شاملة لتحقيق سلام طويل الأمد، ارتكزت على ثلاث أولويات: الحكم، المساعدات الإنسانية، والأمن. وتحدث ترامب عن بدائل لحكم حماس، وتوسيع توزيع المساعدات، والتعامل مع أزمة الرهائن، وضمان الأمن وإدارة مرحلة ما بعد الحرب. واعتبر ويتكوف أن الخطة “شاملة جدا” وتعكس “دوافع إنسانية” للرئيس ترامب.
أحد أبرز محاور الخطة هو البحث عن بديل لحماس في الحكم مع محاولة تجنب خيار الاحتلال الدائم. الاجتماع عُقد بإصرار أميركي لإنجاز الخطة قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، وذلك لتفادي التصويت المرتقب على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
غير أن نتنياهو، رغم تمسكه بخيار القضاء على حماس، وتهجير سكان القطاع، ينسق مع واشنطن لوضع ملامح إنهاء الحرب واليوم التالي لها، دون إشراك الجانب الفلسطيني في صياغة التفاصيل.
وهو ما وصفته صحيفة غارديان بأنه “ديناميات استعمارية مرفوضة سلفا”. وقد شددت شخصيات فلسطينية على أن جهود الحكم وإعادة الإعمار يجب أن تكون بقيادة فلسطينية حقيقية، مدعومة من الدول العربية والدول الصديقة للقضية الفلسطينية.
القضية تزداد تعقيدا، لكن ما يحسب لحماس أنها تدير صراعا غير متكافئ عسكريا بذكاء وصبر، متسلحة بشعار “الصمود”. ورغم ما كلفها ذلك من تدمير للقطاع وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا بفعل الأسلحة الفتاكة وسياسة التجويع، فإنها رفضت الرضوخ لخيار التهجير.
ومع تنفيذها عمليات مفاجئة بين الحين والآخر، وضعت حماس نتنياهو في مآزق حرجة أدت إلى انقسامات داخلية إسرائيلية؛ مدنية وعسكرية، تضغط لوقف الحرب وقبول خطط إنهائها، رغم اعتراض اليمين المتطرف المطالب بـ”استعادة الردع”، وزيادة العمليات العسكرية ضد غزة. لكن مع ضغط الرأي العام الداخلي، وعدم رغبة واشنطن في إطالة أمد الحرب، يبدو أن نتنياهو سيجد نفسه مضطرا للاقتناع بوقفها.
إذن، نحن أمام مشهدين:
المشهد الأول؛ استمرار مؤقت للحرب، يكثف فيه الجيش عملياته للانتقام، في ظل غضب عوائل أسرى السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذين يطالبون نتنياهو بوقف القتال وإعادة أبنائهم.
ويزيد الأمر تعقيدا لجوء إسرائيل إلى بروتوكول هانيبال، بما يعني قتل كل جندي يقع في الأسر. هذا إلى جانب ضغوط التظاهرات، والمعارضة التي ترى أن الحرب مكلفة وبلا نتائج واضحة، وانتقادات قيادات عسكرية- من بينهم متقاعدون- خطط نتنياهو ووصفها بالمتخبطة.
أما المشهد الثاني، فهو أطول زمنيا وقد يمتد إلى ثلاثة أشهر. ويفترض أن تضطر الحكومة الإسرائيلية إلى قبول وساطات مصر، وقطر، والولايات المتحدة.
وأهم عناصر المطالب الإسرائيلية ستكون قضية الأسرى، وهي ورقة الضغط الأقوى لدى المقاومة، والتي انقسم حولها الشارع الإسرائيلي بين مؤيد لاستمرار الحرب ورافض لها. غير أن إطالة الحرب ستزيد الكلفة البشرية والاقتصادية لإسرائيل، وهو أمر لم يعد مقبولا لا داخليا ولا لدى الدول الداعمة لها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أنه يتوقع أن تصل الحرب في غزة إلى “نهاية حاسمة” خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بدءا من 26 أغسطس/آب 2025. وقال مبعوثه الشخصي ستيف ويتكوف إن إعادة إعمار غزة قد تستغرق ما بين 10 و15 عاما بالنظر إلى حجم الدمار الهائل.
في المقابل، تطرح الخطة المصرية- التي أقرتها لجنة فنية مصرية فلسطينية- تصورا مختلفا: مرحلة تعافٍ أوّلي لمدة ستة أشهر لتوفير إسكان مؤقت لنحو 1.5 مليون نازح، تليها مرحلتان؛ الأولى تستمر عامين بتكلفة 20 مليار دولار، والثانية لمدة سنتين ونصف، بتكلفة 30 مليار دولار. ومع انتهاء نحو أربع سنوات، يُفترض أن تكتمل صورة الإدارة الفعلية للقطاع.
أما إسرائيل، التي تعلن مرارا رفضها الاحتلال الدائم للقطاع، فهي تشترط في الوقت نفسه ألا يكون لحماس أي دور في الحكم، وتفرض على السلطة الفلسطينية شروطا صارمة لتسليمها هذه المهمة، ما يخلق فراغا سياسيا يعرقل إنهاء الحرب فعليا، وفق موقع أكسيوس.
ومع استمرار إسرائيل في سياسة القتل والتجويع والمطالبة بالنزوح الجماعي من شمال القطاع إلى جنوبه، تقابلها عمليات نوعية متفرقة لكتائب القسام ضد الجيش الإسرائيلي.
وفي ظل هذه المعادلة، يبدو أن كل الأطراف المعنية بهذه الحرب الإبادية تسعى- كلٌّ وفق مصالحه- إلى إنهائها والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة.
نقلا عن شبكة الجزيرة.