كيف نتجنب التصعيد في غزة ؟

كتب الصحفي رامي فرج الله
مراسل البلاغ الدولية
مدير مكتب الاتحاد الدولي للصحافة العربية بدولة فلسطين
لقد دخل اتفاق التهدئة حيز التنفيذ بين الفصائل الفلسطينية في غزة من جهة، و الجانب الإسرائيلي من جهة أخرى، بعد جولة من التصعيد، و الفعل و ردة الفعل عقب استشهاد الأسير خضر عدنان، و نجاح الوساطات المصرية و القطرية في فرض هدوء تام مقابل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
فصائلنا الفلسطينية كافة قامت بإطلاق رشقات صاروخية على مستعمرات غلاف غزة المتاخمة للقطاع ، و على المدن الفلسطينية المحتلة عام ٤٨، ردا على جريمة اغتيال الأسير الشيخ خضر عدنان مع سبق الإصرار و الترصد داخل أقبية سجونها.
لكني أتساءل لماذا في هذا التوقيت تصعد إسرائيل من عدوانها على غزة، رغم تهديدها للقطاع خلال شهر رمضان؟ ، و أن حتمية المواجهة مع غزة باتت وشيكة، هل كانت تريد إسرائيل من كبش سمين تقدمه قربانا للمواجهة مع حماس و الجهاد الإسلامي تحديدا بغزة؟.
إن إسرائيل بيتت النية مسبقا لمهاجمة غزة، و اختارت التوقيت لتصدير أزمتها السياسية إلى القطاع، و إنقاذ نتانياهو و حكومته المتطرفة من السقوط عبر التظاهرات المتواصلة ضده في تل أبيب من جهة، و القضاء على خصومه في المعارضة من جهة ثانية.
لقد كان يجب على فصائلنا في غزة من تدارك الوضع قبل تفجره، و أخذ تهديدات الاحتلال على محمل الجد بدراسة العقلية الإسرائيلية جيدا ، و التعمق في تهديدات الاحتلال غزة، لتفادي ما يمكن تفاديه بدلا من ردة الفعل التي أعتبرها خطوة متسرعة من فصائلنا المقاومة.
الاحتلال اعتقل رمز من رموز الشعب الفلسطيني، و قامة لها حضورها في الشارع الفلسطيني، ألا وهو الشيخ خضر عدنان، و الذي أضرب عن الطعام مدة سبعة و ثمانين يوما على التوالي، و كانت عائلته و محامي الدفاع عنه ، و هيئة الأسرى و المحررين، و نادي الأسير بينوا أن وضع المناضل خضر عدنان الصحي في تدهور.
كما نبهت قيادة الشعب الفلسطيني الشرعية إلى إسناد و دعم صمود أسرانا البسل، و نصرتهم بتنظيم فعاليات تدعم قضية الأسرى، سواء بمسيرات أو برامج تلفزيونية، بيد أن المسيرات التي كانت تخرج لدعم الأسرى خجولة، لم تكن بحجم معاناة و تضحيات الأسرى، ولم ترتق إلى المستوى المطلوب، وهذا تقصير من فصائلنا في غزة.
كما أن الإعلام الحزبي في القطاع لم يتعامل بزخم مع قضية الأسرى، إحدى الثوابت الوطنية ، بل تعامل معها و كأنها حدث عابر، و يرجع لغياب الرؤية الإعلامية المهنية لدى إعلاميي الأحزاب و الفصائل بغزة، وتركيز وسائلها الإعلامية على تأجيج الخلافات الفلسطينية الداخلية، و ترسيخ الانقسام بعيدا عن الموضوعية، و المهنية ، وهذا لا يخدم سوى مصالح الاحتلال فقط، بتمزيق الجبهة الداخلية للفلسطينيين، و تشتيت المقاومة عن هدفها الأسمى و هو تحرير فلسطين، و حرف البوصلة عن القضايا المتفق عليها، و هي الثوابت الوطنية، و في مقدمتها القدس و اللاجئين، و الأسرى.
وهنا، ينبغي على قادة الفصائل بتوسيع مداركهم، و دراسة اتجاهات العدو الإسرائيلي، و تفكيره من جديد ، ومعرفة أهداف عقليته الصهيونية قبل أن يقدم الاحتلال على تحقيقها، و ذلك من أجل تفويت الفرصة عليه في تحقيق مآربه بغزة.