استيلاء البشير على استراحات الرى بداية العبث وجر الأطماع الى السودان

بقلم :ياسر عبيدو
-قبيل إطاحة الرئيس السوداني عمر البشير، بحكومة الصادق المهدي في انقلاب عام 1989، كانت الشواهد كلها تشير إلى أن انقلاباً يلوح في الأفق، حتى أن مصر كانت فاعلة في أحد المسارات هناك، ولذلك فقد كانت أول قرارات البشير بعد استتباب أموره، هي تأميم الاستراحات المصرية لوزارتي الري والكهرباء، وما أدراك ما الاستراحات المصرية، على الرغم من ملكية مصر لها، كالسفارات تماماً، ولذلك تفاصيل أخرى، يصعب الخوض فيها.
المهم، هو أن أياً من دول العالم، خصوصاً دول الخليج قاطبة، والدول العربية عموماً، لم يعترف أي منها بالنظام الجديد في السودان، انتظاراً للموقف المصري، على اعتبار أن السودان، كما ليبيا، كما فلسطين، باعتبارها دول جوار، تمثل العمق الاستراتيجي لمصر، وما يتعلق به من الأمن القومي، لا يمكن التعامل مع أحداثها، أو حتى الاقتراب منها، بمنأى عن مصر.
وبالفعل كانت مصر أول دولة تعترف بالنظام الجديد في السودان، ولكن بعد أربعة أيام من الحدث، ثم توالت الاعترافات على الفور، على الرغم من أن ذلك الاعتراف قد شابهُ خطأ فادحاً لا يمكن تصوره، ذلك أن نظام البشير لم يكن هو الهدف المصري، ولذلك أيضاً تفاصيل أخرى.
الشاهد في الأمر، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال، القبول بهذا التدخل الإماراتي في الشأن السوداني وتفتيته، والذي هو في حقيقته لحساب الصهيونية شكلاً وموضوعاً، كما التدخل في الشأن الليبي، كما دعم النظام في إثيوبيا، وتمويل سد النهضة، كما التدخل في الشأن اليمني، مع أهمية باب المندب لمصر، بما يشير إلى أن الهدف الرئيسي من كل هذا العبث بالمنطقة، هو مصر والإضرار بمصر.
وتكفي هنا الإشارة، إلى ان الإمارات، بالتعاون مع المملكة السعودية، قد أقامتا خط إمداد بري لإسرائيل، كان يعمل على مدار الساعة، مروراً بالأردن، طوال عامي حرب الإبادة على قطاع غزة، عوضاً عن استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية بالبحر الأحمر، وما مثله هذا الخط من خسائر لقناة السويس، مع الوضع في الاعتبار أن المخطط الإماراتي- الإسرائيلي، يهدف إلى شق قناة موازية لقناة السويس عبر البحر الميت، وصولاً إلى البحر المتوسط عن طريق غزة، وهو ما يحتم تفريغها من أهلها، أو هكذا مسعاهم.
الغريب في الأمر، هو تلك المعاملة التفضيلية للإمارات ونظام الإمارات في مصر، والاستحواذ على الأصول والمشروعات والأراضي، بأموال صهيونية أيضاً، بما لا يقبل أي شك، وهو أمر على قد كبير من الخطورة، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار، أن بداية احتلال فلسطين صهيونياً، منذ عشرينيات القرن الماضي، أي قبل حرب 1948 بنحو ربع قرن، كانت بشراء الأراضي والأصول، ولكن من خلال دولة الانتداب البريطاني.
أما إذا كانت الإمارات تقوم بهذا الدور الآن في المنطقة ككل، بالوكالة عن الصهيونية العالمية، فإن الصمت الرسمي المصري، لا يمكن وصفه إلا بأنه أمر مريب، يتوجب معه انتفاض الأجهزة السيادية، والقيام بواجبها، مادامت الأحزاب قد غابت، والإعلام قد توارى، والسلطة التشريعية تم إخصاؤها.
ولا يسعنا هنا إلا أن نترحم على كل رؤساء مصر السابقين، الذين رفضوا العبث بالمنطفة. سواء في اليمن او ليبيا أو السودان أو إثيوبيا، بل بما هو أكثر من ذلك في الكويت أو الجزائر أو حتى الكونجو، وأيضاً نترحم على شعوب سابقة، كانت فاعلة إلى الحد الذي تحسب له القيادة السياسية ألف حساب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى