الحكومة الاسرائيلية لا تؤمن بأي مصالحة مستقبلية مع الفلسطينين

بقلم: المؤرخ الاسرائيلي آفي شيلون
المصدر: يديعوت احرونوت

الدرس مما حصل بين الولايات المتحدة والحوثيين هو بالضبط ما لا تفعله إسرائيل في غزة. فبدلا من الإعلان بان من ناحية عسكرية حماس هزمت واستغلال الضربة الشديدة للمنظمة في صالح تسوية سياسية في غزة تعيد أيضا المخطوفين – إسرائيل تعاند لان تحسم بقوة إضافية حتى النهاية وبذلك فانها تستدعي فقط مشاكل ستنشأ: مثل النار التي تلقيناها منذ الان من اليمن وستشتد، إيقاع الأذى بالمخطوفين وبمزيد من الجنود الذين سيقتلون لشدة الأسف. عمليا، القرار بحملة كبرى أخرى في غزة هو بلا أساس لدرجة أنه من الصعب الا نشتبه بان هذه مناورة في اطار المفاوضات على شروط انهاء الحرب. إذ ما الذي يمكن عمله اكثر في غزة لم نعمله في السنة والنصف الأخيرتين؟ واذا كان ثمة شيء ما، فلماذا لم يتم عمله حتى الان؟

كما أن الادعاء بان الجيش الإسرائيلي سيحرص على الا يدخل الى المناطق التي يتواجد فيها المخطوفون هو ادعاء غريب. اذا كان واضحا مسبقا اننا لم ندخل الى مناطق يتواجد فيها مخطوفون، فمعقول ان قادة حماس المتبقين على قيد الحياة هم أيضا سيختبئون هناك. وبعامة، اذا كان هاما الحفاظ على المخطوفين على قيد الحياة لهذه الدرجة، أي اذا افترضنا ان في النهاية ستكون صفقة لتحريرهم – فلماذا ليس الان؟ منطق بلا أساس.

وعليه، فان التفسير الوحيد لحملة كبرى وأخرى في غزة هو أن هدفها الاحتلال ربما لاجل الاستيطان هناك من جديد في المستقبل، واذا كان هذا هو الهدف فخير أن تكون سياسة الحكومة قد انكشفت. حتى الان تعلق الخطاب حول غزة بمسائل الامن والمخطوفين. لكن اذا كان السبب الحقيقي لمواصلة الحرب هو احتلال القطاع – فيمكن إعادة الساحة السياسية والخطاب الجماهيري الى مكان حقيقي اكثر: الى مسألة مستقبل المناطق والتسوية مع الفلسطينيين. هذه المسألة دحرت الى هوامش النقاش منذ 7 أكتوبر، في صالح النقاش على الامن والمفهوم. وبالفعل، كلنا نتفق على أن المفهوم الأمني تجاه حماس انهار. لكن من خلف المفهوم كان يكمن فكر سياسي، وهذا الفكر كان يعتقد انه يمكننا ان نعيش بامان في الشرق الاوسط حتى بدون حل النزاع. بل ان نتنياهو تباهى بكتابه بان “اتفاقات إبراهيم” اثبتت بان الادعاء بانه من اجل الاندماج في الشرق الأوسط تحتاج إسرائيل الى المصالحة مع الفلسطينيين دحض. اما الحقيقة فمعاكسة. ما انهار في أكتوبر هو الفكر في أنه يمكن تجاوز التسوية مع الفلسطينيين – المفهوم الأمني الذي تفجر هو نتيجة له فقط.

حين تكشف الحكومة مواقفها من احتلال غزة فانها في واقع الامر تعلن بانها متمسكة بفكرة انها لا تؤمن باي مصالح مستقبلية مع الفلسطينيين، ولا ترى فيها حاجة أيضا. حيال هذا الموقف يجب أن يقوم بديل شجاع يقول للجمهور انه حتى وان كان السلام غير واقعي في المدى القريب ويجب التركيز على الامن فان الهدف المستقبلي لا يزال هو تسوية الأرض مقابل السلام. ليس فقط لان الاتفاقات وحدها هي التي تجلب الامن – ولهذا فان التطلع الى التسوية ليست مسألة يسار او يمين – بل أيضا لاعتبارات أخلاقية ومنفعية على حد سواء في كل ما يتعلق بعلاقاتنا وصورتنا في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى