“مصر .. قلب العروبة النابض وسند غزة في محنتها”

لم تكن مصر يومًا مجرد دولة على هامش التاريخ، بل كانت وستظل قلب العروبة النابض، وصوت الضمير الإنساني حين يصمت العالم، وسند المستضعفين حين يخذلهم القريب والبعيد.
واليوم، تتجدد شهادة العروبة على الأرض الفلسطينية، وتعود مصر إلى واجهتها الطبيعية: جدار الأمان لغزة، والضوء الوحيد في نفقها المظلم.
-منذ اللحظة الأولى لانفجار الأوضاع في قطاع غزة، تحركت مصر بوعي الدولة، لا برد الفعل. لم تكتفِ بالتصريحات، بل بادرت بالفعل، ففتحت معبر رفح الإنساني، ودفعت بعشرات القوافل المحملة بالغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، واستقبلت المصابين في مستشفياتها، ونسّقت مع المنظمات الدولية لتأمين المساعدات للمدنيين المحاصرين تحت القصف.
-بل وتعدّى الدور المصري البعد الإنساني إلى الدبلوماسي، حيث تقود القاهرة حتى اللحظة جهودًا متواصلة لوقف إطلاق النار، ومنع التصعيد، وكسر الحصار. ولم تنخدع بالمناورات السياسية التي اعتادت أن تُغلف القتل بالتبرير، بل أعلنتها واضحة: لا سلام دون وقف العدوان، ولا استقرار دون رفع الحصار، ولا حلّ إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
-وقد كشفت الأزمة – مرة أخرى – أن مصر وحدها بقيت على العهد، تحمل راية العروبة في زمن الانقسام، وتدفع ثمن مواقفها الشريفة، لا طمعًا في مكسب، بل وفاءً لتاريخ طويل من التضحية المشتركة.
فعلى تراب فلسطين امتزج الدم المصري بالفلسطيني منذ معارك 1948 ومرورًا بحروب 1956 و1967 و1973، وحتى اليوم.
-مصر اليوم ليست فقط وسيطًا، بل ضامنًا وعنوانًا للثقة. لا تزايد، ولا تبتز، ولا ترفع شعارات زائفة، بل تعمل في صمت، وتتحرك بثقلها التاريخي والإقليمي، مدفوعة بإرثها ومسؤوليتها الأخلاقية.
-كما أكدت القيادة السياسية المصرية، مرارًا، أن ما يحدث في غزة ليس شأناً فلسطينيًا فقط، بل يمس الأمن القومي العربي، ويهدد استقرار الإقليم. ولذلك فإن القاهرة لا تنظر إلى غزة من منظور جغرافي، بل من منظور تاريخي وإنساني، يجعلها في صدارة المدافعين عن حق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة، على أرضه، دون احتلال ولا حصار.
-وفي هذا الوقت العصيب، لا بد أن يُسجل للتاريخ: أن مصر، ورغم التحديات والضغوط، اختارت الطريق الأصعب والأشرف، فرفضت أن تقف متفرجة، وأبت إلا أن تكون جدارًا للعزة، وملاذًا للضعفاء.
-إن موقف مصر اليوم هو امتداد لنفس الروح التي واجهت الاحتلال بالأمس، وهو ما يعيد التأكيد على حقيقة واحدة:
أن مصر، حين تتكلم… يسمع الجميع، وحين تتحرك… تهتز الحسابات.
-فشكرًا لمصر التي لم تغلق أبوابها، ولا قلبها.
شكرًا لمصر التي كانت – وستظل – السند إذا خان السند، والملجأ إذا ضاقت الأرض.
وشكرًا لشعبها الذي يفهم أن فلسطين ليست بعيدة، بل هي جرح في خاصرة الأمة… لا يلتئم إلا بالحق.

بقلم| محمد عاطف شحاتة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى