لماذا اختارت حماس السنوار رئيسا لمكتبها السياسي؟

مقال تحليلي بقلم/ الصحفي رامي فرج الله
مراسل البلاغ
مدير مكتب الاتحاد الدولي للصحافة العربية بفلسطين
فاجأتنا حركة حماس بقطر تنصيب يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي، خلفا للراحل هنية، رغم أن كل التقديرات و المؤشرات تشير إلى عودة خالد مشعل، لرئاسة المكتب السياسي للحركة، بعد أن أجرى قياداتها مشاورات عميقة.
و هنا، أتساءل: هل حماس وضعت آخر مسمار في نعشها؟، أم هناك ضغوطات من أجندات خارجية لاحتيار السنوار رئيسا للمكتب السياسي؟، أم أن خالد مشعل فهم المعادلة فرفض أن يكون كرتا محروقا؟، أم أن إسرائيل تهدف إلى تولي السنوار رئيسا للمكتب السياسي، لتشكيل حماس بحلة جديدة منزوعة السلاح، و لا تشكل أي تهديد مستقبلي على الكيان الإسرائيلي؟.
ثمة تساؤلات بحاجة إلى أجوبة صريحة لم اختارت حماس السنوار رئيسا للمكتب السياسي؟، ليس دعما للمقاومة بقدر ما هي مصالح شخصية للسنوار ، حفاظا على نفسه.
أقول: ” إن يحيى السنوار نجح في التخلص من خصومه، و معارضيه داخل قطاع غزة، بإشعال فتيل الحرب مع إسرائيل بالسابع من أكتوبر الماضي”، و هذا إن دل؛فإنما يدل على ذكاء هذا الرجل، و إن كان يصفه بعض قادة حماس ” بالجنون”، فالحرب أول من يخطط لها الأذكياء، و إن كان جنونا، و أول من يغامر فيها هو المجنون، لأنه يكون قد اتخذ قرارا مجنونا بخوض غمار حرب غير متكافئة مع الاحتلال الإسرائيلي، دون أي أدنى حسابات للعواقب، وصولا لمآربه الشخصية على حساب القضية الفلسطينية”.
و أجزم قطعا أن الهدف من هذه الحرب الهوجاء بينت أن ثمة خلافات حادة بين قيادات الحركة بالخارج، و السنوار على وجه الخصوص، حيث أن اختيار السنوار رئيسا للمكتب السياسي يأتي في إطار التخلص منه، وهذا يوضح لنا أن السنوار كان سيقدم كبش فداء، لو لم يقدم على خطوة مجنونة كهذه.
و هنا ، أستذكر بعد ما سرب من الغرفة المغلقة في شهر أغسطس الماضي ، الذي جمع بين السنوار، ود. أبو مرزوق، أن الأول هاجم بشدة، و بنبرة قوية تهميشه كرئيس للحركة في غزة ، و تسليط الضوء على إسماعيل هنية.
ففهم أبو إبراهيم السنوار، أن حماس ستضحي به، و تقدمه كبش فداء للاحتلال، و قد وصلت معلومات مؤكدة له، أن إسرائيل ستبادر بضربة استباقية تصطاد بها ” صيدا ثمينا”، يكون قد باعته حماس للاحتلال، فبادرها السنوار بخطوة غير مسبوقة، مشعلا فتيل الحرب على غزة للتخلص من خصومه، و معارضيه، وقد أبلغ د. أبو مرزوق بوجود تمرد داخل الحركة و كتائبها بغزة.
هذا احتمال، و أما الاحتمال الآخر، أن حماس تريد عرقلة جهود الوسطاء لوقف إطلاق النار، و إتمام صفقة تبادل جديدة، فاختارت الحركة بالإجماع يحيى السنوار، رئيسا لمكتبها السياسي، و هي تعلم أنه لا يمكن أن يمارس أي من صلاحياته، و هو تحت الأرض، و الاتصالات انقطعت به منذ أشهر باعتراف قيادات من الحركة بقطر، و أي توقيع على أي اتفاق صفقة لابد أن يكون السنوار لاعبا أساسيا خلفا لسابقه، و هذا مستحيل أن يحدث دون أي ضمانات تضمن حياته، ما يزيد الأمور تعقيدا، فيكون بذلك قد عرقلت حماس جهود الوسطاء للتوصل لصفقة، مما يجعل الحركة تخفف من الضغوضات التي تمارس عليها من مصر و قطر، للتهرب من أي مقترحات جديدة لإبرام الصفقة.
و هذا ما يريده نتانياهو لإطالة أمد الحرب ، و ممارسة الضغط العسكري حتى الانتهاء من تفكيك قدرات حماس بغزة، و إطلاق كل المخطوفين، محملا فشل المفاوضات لحماس.