في ذكراها ال70 شي جينبينج :المباديء الخمس للتعايش السلمي ساهمت في إصلاح النظام الدولي ورفضت الإمبريالية والهيمنة والاستعمارية

كتبت / نوراخلف
القي الرئيس الصيني “شي جينبينج” خطابا في الاحتفال الذي أقيم بالعاصمة الصينية بكين بالذكري السبعين للاصدارالرسمي للمباديء الخمس للتعايش السلمي ..حيث أكد علي ان
المبادئ الخمس للتعايش السلمي التي صدرت قبل 70 عاما كانت عملا رائدا عظيما في العلاقات الدولية، وله دلالات فارقة كبيرة،ونحن نجتمع هنا اليوم بشكل يليق بعظمة هذه المناسبة السنوية ومرور 70 عامالإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، من أجل تكريسها في ظل الأوضاع الجديدة، والعمل سويا على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتوفير قوة دافعة جبارة لتقدم الحضارة البشرية.
حيث تبقى معالجة العلاقات بين الدول والحفاظ على السلام والأمن في العالم بشكل مشترك وتعزيز تنمية وتقدم البشرية جمعاء، من العناوين الهامة في المسيرة التاريخية لتقدم المجتمع البشري في العصر الحديث والمعاصر، التي لا تتوانى كافة الدول عن استكشافها.
وأشار الرئيس الصيني الي ان المبادئ الخمسة للتعايش السلمي هي ما نادى به العصر وما اختاره التاريخ. فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تنامت حركات الاستقلال والتحرر الوطنيين مع تفكك النظام الاستعماري في العالم. وفي نفس الوقت، كانت غيوم الحرب الباردة تلقي بظلالها على العالم ويتكاثر لغط نظرية “القوة هي الحق”. كانت الدول الجديدة التي نالت استقلالها للتو ترغب في الحفاظ على سيادتها الوطنية وتنمية اقتصادها القومي. وكانت الصين الجديدة تلتزم بالاستقلالية، وتعمل على تحقيق التعايش السلمي مع دول العالم وتحسين البيئة الخارجية خاصة البيئة المحيطة بها. على هذه الخلفية، طرحت القيادة الصينية لأول مرة المبادئ الخمس بكامل أبعادها والتي تشمل “الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي”، وأدرجتها في البيان المشترك بين الصين والهند والبيان المشترك بين الصين وميانمار، وذلك من أجل الدعوة المشتركة إلى تحديد المبادئ الخمسة كقواعد أساسية تحكم العلاقات بين الدول.
واضاف “شي”ولدت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي في آسيا، وسرعان ما توجهت نحو العالم. في عام 1955، طرحت الدول المشاركة في مؤتمر باندونج، التي كانت من آسيا وإفريقية وتجاوز عددها 20 دولة، المبادئ العشرة لمعالجة العلاقات بين الدول بناء على المبادئ الخمس، ودعت إلى روح “باندونج: المتمثلة في الوحدة والصداقة والتعاون. واتخذت حركة عدم الانحياز التي نشأت في الستينات من القرن الماضي المبادئ الخمسة كمبادئ توجيهية لها. وتم إدراج المبادئ الخمسة بوضوح في كل من “إعلان مبادئ العلاقات الدولية” الذي اعتمد في الدورة الـ25 للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970 و”الإعلان المتعلق بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد” الذي اعتمد في الدورة الاستثنائية السادسة للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974. وأدرجت المبادئ الخمسة على التوالي في سلسلة من الوثائق الدولية الهامة، وتم قبولها وانتهاجها على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي.
وأكد الرئيس الصيني في كلمته إلي أن مرور العقود السبع الماضية، تجاوزت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي المكانَ والزمان وتعدت الفوارق، وازدادت متانتها وحداثتها على مر الزمان، حتي أصبحت من القواعد الأساسية للعلاقات الدولية والمبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تتميز بالانفتاح والشمول والنطاق الواسع للتطبيق، الأمر الذي قدم مساهمة تاريخية لا تمحى لقضية تقدم البشرية.
مضيفا،أولا، وضعت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي معيارا تاريخيا للعلاقات الدولية وسيادة القانون الدولي. تجسد المبادئ الخمسة بجلاء مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتتماشى مع تيار العصر لتطور العلاقات الدولية، وتتفق مع المصالح الأساسية لشعوب العالم. وفي نفس الوقت، تؤكد المبادئ الخمسة على متطلبات “التبادل” و”المساواة” في معالجة العلاقات بين الدول، وتبرز روح سيادة القانون الدولي التي توحّد الحقوق والالتزامات والمسؤوليات للدول. كما تغطي المبادئ الخمسة القواعد الأساسية للتعايش السلمي بين الدول في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والدبلوماسية، وتوفر قواعد السلوك الدقيقة والواضحة والفعالة للدول عند تنفيذ روح سيادة القانون الدولي وتحديد الطريق الصحيح للتعامل مع بعضها البعض.
ثانيا، قدمت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي إرشادا صائبا لإقامة وتطوير العلاقات بين الدول ذات النظم الاجتماعية المختلفة. يمكن للدول، حتى ولو كانت تختلف من حيث النظام الاجتماعي والأيديولوجيا والتاريخ والثقافة والدين والمعتقدات ومستوى التنمية والحجم، أن تقيم وتطور علاقات من الثقة المتبادلة والصداقة والتعاون فيما بينها، طالما تلتزم بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي. قد شقت المبادئ الخمسة طريقا جديدا للتسوية السلمية للقضايا العالقة بين الدول في التاريخ والنزاعات الدولية، وتجاوزت المفاهيم العتيقة والضيقة مثل “سياسة التكتلات” و”نطاق النفوذ” وعقلية الاستقطاب والمواجهة.
ثالثا، حشدت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي قوة جبارة للوحدة والتعاون والتقوية الذاتية عبر التضامن بين الدول النامية. تجسد المبادئ الخمسة التأمل العميق للدول النامية في تغيير مصيرها والسعي إلى الإصلاح والتقدم. هناك عدد متزايد من الدول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تضامنت وتبادلت الدعم، مشجعة بالمبادئ الخمسة، وهي قاومت بقوة التدخلات الخارجية، ونجحت في شق الطرق التنموية المستقلة. كما ساهمت المبادئ الخمسة في تعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب، وتحسين وتطوير العلاقات بين الجنوب والشمال.
رابعا، ساهمت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بحكمتها التاريخية في إصلاح النظام الدولي واستكماله. انطلقت المبادئ الخمسة من الحفاظ على مصالح الدول الضعيفة والصغيرة ومطالبها في بيئة سياسة القوة، ورفضت بكل الوضوح الإمبريالية والاستعمارية والهيمنة، ونبذت قانون الغابة المتمثل في الإدمان في الحرب وتنمر القوي على الضعيف، مما أرسى أساسا فكريا مهما لدفع تطور النظام الدولي على نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا.
وأشار إلي أن المبادئ الخمسة للتعايش السلمي أصبحت بعد صمودها أمام اختبار الزمان لمدة 70 عاما، كنزا مشتركا للمجتمع الدولي، وهي تستحق الاعتزاز بها وتوارثها وتكريسها بكل العناية. بهذه المناسبة، يطيب لي أن أحي الجيل القديم من القادة الذين دعوا سويا إلى المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وأتقدم بالاحترام العالي لأصحاب الرؤية الثاقبة من الدول المختلفة الذين يتمسكون منذ زمن طويل بتكريس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي.
يتطور التاريخ إلى الأمام كسباق التتابع، وتمضي قضية تقدم البشرية إلى الأمام عبر الإجابة عن أسئلة العصر. قبل 70 عاما، وفي وجه المحنة المؤلمة الناتجة عن الحرب الساخنة والانقسام والمجابهة الناجمين عن الحرب الباردة، أعطى ذلك الجيل من الناس جوابهم التاريخي حرصا على الحفاظ على السلام والدفاع عن السيادة، ألا وهو المبادئ الخمسة للتعايش السلمي. صمد هذا الجواب أمام اختبارات تغيرات الأوضاع الدولية، ولم يبهت أو يعفُ عليه الزمن، بل يزداد لمعانُه ويلفت مزيدا من الأنظار. أما في يومنا هذا بعد 70 عاما، وفي وجه الموضوع الهام المتمثل في “ما هو العالم الذي يجب بناؤه وكيف بناء هذا العالم”، أعطت الصين جوابها في هذا العصر، ألا وهو بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. قد توسّع مفهوم بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الآن من مبادرة صينية إلى توافق دولي، وتحول من رؤية جميلة إلى ممارسات وفيرة، وهو يدفع العالم بقوة نحو مستقبل مشرق ينعم بالسلام والأمن والازدهار والتقدم.