روح اكتوبر..بطولات منسية

بقلم/لواء دكتور مهندس عبدالمقصود حجو

ما يزال الكثير من احداث ووقائع-حرب اكتوبر 1973م-يكتنفها قدرا هائلا من النسيان ولا يسلط عليها الضوء بالقدر الذى تستحقهليس فقط للمصريين فقط بل للعرب وللعالم اجمع خاصة هناك عاملين يبرزان فى هذا السياق هما:

انه قد مضى عليها اكثر من خمسون عاما والعامل الاخر ان معظم سكان المعمورة اليوم –شباب مصر والعرب منهم- معظم الشباب باتت تحيط بهمتطلعات وافكار ومفاهيم اخرى استهلاكية وترفيه ولا يعنيهم سوى معيشة اليوم والغد والمشكلات والمفاهيم التى باتت تغزو العقول والالباب والتى غزت مسرح الاحداث فى العالم كله شبكة المعلومات والذكاء الاصطناعى وثورات المعلومات والاتصالات والعملات المشفرة وغيرها (هذا لا يعنى اننى ضد التكنولوجيا والعلم فهما العامل الحاسم فى المعارك اليوم وغدا). وما يعنينى هنا هنا هو تسليط الضوءوتركيز الحديث وشرح وقائع واحداث تلكم الملحمة البطولية للاجيال التى لم تشهد احداثها ليعلم شباب اليوم والغد ورجال المستقبل ما قام به جيش مصر المظفر دوما انذاك فى الفترة التى تلت –نكسة يونيو 1967م الى النصر الساحق الماحق فى اكتوبر 1973م-وايضا ربط هذه الملحمة بما سبقها من بطولات سطرها باحرف من فخار الشعب المصرى العظيم,وهو الذىتصقله الاحداث والخطوب الجسام ويظهر للعالم كله معدنه النفيس وشجاعته ورفضه للذل والهزيمة وانتزاعه للنصر انتزاعا من قوى الشر والعدوان رغم الظروف الصعبة المحلية والاقليمية والدولية التى تكون له بالمرصاد,وما اشبه الليلة بالبارحة ان حلقة اكتوبر 1973م هو وبحق حلقة مضيئة فى شرف العسكرية الناصع ليضاف الى ملاحم طرد الهكسوس وتوحيد القطرين وحطين وعين جالوت فى مشهد بطولى ونادر وفريد,ان وقائع واحداث اكتوبر 1973م,وقد عايشت هذه الاحداث الصعبة والمهينة ليس لمصر بل للعرب قاطبة لدرجة ان المصرى والعربى خارج وطنه كان يتوارى ويخجل ان يقول جنسية بلده انذاك لان ارض ثلاث دول عربية محتلة وانقلب الحال بين ساعات قليله حينما دكت جحافل جيش مصر خط بارليف وعبرت الانساق الاول من الجيشين الثانى والثالث الموانع الاربع الحصينة شرق القناة فاصبح الفخار كل الفخار للمصرى والعربى…وذلكم بفضل الله القدير العليم وجسارة وقوة الجندى المصرى والعربى البطل….ومعه قادة اعتمدوا على الخالق الحكيم وخططوا وتدربوا وواصلوا العمل ليل نهار فى جد واجتهاد ورؤية استراتيجية لا تعرف المستحيل ومن خلفهم شعب صبور شجاع مؤمن ايمانا كاملا بان النصر قادم لا محالة فبدد ظلمات الليل البهيم وانبلج نور الفجر ومن وراءه اشعة الشمس الساطعةوتبددت اوهام الغطرسة والاحلام الصهيونية وسحقت احلام الامن القومى الاسرائيلى واكذوبة الجيش الذى لا يقهر وتم اسر الكتائب والجنود الاسرائيليين فى موقف ذل ومهانة وانكسار وتم اسقاط الفانتوم وسكاى هوك من طائرا ت مصرية من جيل قديم نوعا ما بفضل توفيق العلى القادر وبطولة وشجاعة نسور مصروتم زرع الغام بحرية فى الموانىء الاسرائيلية فى عمليات مبهرة ومن العجيب ان التخطيط مصريا خالصا بعد خروج المستشارين السوفيت فى يونيو 1972م.

وهنا نسرد بفخر وعزة بعضا من الوقائع والاحداث التى وقعتعلى تلك الحرب الضروس الرائعة والتى منذ اندلاع شرارتها وحتى والان وفى قابل الايام مصدرا هاما يدرس فى معظم الاكاديميات العسكرية العالمية الشرقية والغربية يستخلصون منها العبر ويحللون ويستخلصون الدروس المستفادة منها كالاتى:

-الايمان بعدالة القضية وبناء الفرد المقاتل على كافة المستويات,وهو ما اشاد به الجميع العدو قبل الصديق فالجندى فى 1973م مختلف جذريا عنه فى 1967(مذكرات جولدا مائير وموشى ديان ولجنة اجرانات)

-هناك بعض الدلائل على تلك الروح ,الجنود اثناء عبور وحدات المشاه لم ينتظروا عودة القوارب المطاطية فقذفوا بانفسهم فى القناة,والجندى الجسور الذى جمع القنابل العنقوديه فى سترته والقاها خارجا, وصائدوا الدبابات الصهيونية من اسلحة على الكتف , الجنود الذين تسلقوا الساتر الترابى المنحدر بشدتهم القتالية واسلحتهم؟

-نخبة من جيش مصر امنت بالعلى القدير فخططت وتدربت زهاء سته اعوام بلا كلل ولقد كان هذا الجيل يظل قابعا الشهور المتواليه فى الوحدات القتالية للتدريب القتالى الجاد

-تصنيع العديد من قطع الغيار للاسلحة والمعداتالسوفيتية بايدى شباب من المهندسين والفنيين الذين يعاونهم مما اذهل السوفيت بعد ذلك

-اختيار دقيق لتحديد ساعة الصفر(دراسة تفصيية للظروف المناخية وحركة الامواج فى القناة بين البحرين والاعياد الصهيونية والدينية وايام الاجازات وحركة الشمس وغيرها), وتلك لها دلالات استراتيجية وتعبوية اربكت العدو ففقد توازنه(وهذا يحتاج لمجلدات لتسليط الضوء عليه)

-معارك الاسلحة المشتركة والطيران والبحرية وخلف الخطوط,مازالت لم تعط القدر الشامل واستخلاص الدروس من مشاهد بطولية فريدة(اكبر معركة جوية 14 اكتوبر تفوق فيها الطيار المصرى بطائرات اقل تكنولوجيا على احدث طائرات امريكا)

-العديد من قادة هذه الملحمة عاشوا وماتوا لم يملكون درهما او مليما ولم يتملك حتى سيارة صغيرة والبعض عند احالته للتقاعد عمل عن احد التجار ليوافى متطلبات المعيشة

-خطة كاملة للخداع الاستراتيجى والتمويه وتلك كتبت فيها مجلدات وما زالت تحتاج للكثير

-ان المقاومة الفلسطينية فى حربها الاخيرة قد اخذت من هذه الملحمة تاريخ 7 اكتوبر تيمنا وفالا حسنا ضد الكيان الغاصب الذى ما زال وحتى بعد عقد اتفاق الهدنة يقتل الضحايا العزل فى فلسطين ولبنان وسوريا….

وتبق كلمة لشباب مصر الذين هم صمام امنها وزادها وامنها وامانها دراسة لتلك الحرب ليعلموا ما فعل الاباء والاجداد ليحفظوا كرامة الاوطان والزود عن حياضه ويكونوا على اهبة الاستعداد اذا جد الجد وحاول عدو ما ان يعتدى او تسول له نفسه بالاعتداء ,فاللهم ارحم كل قطرة دم سالت على ارض الكنانة الطاهر منذ فجر التاريخ والى ان يرث الله الارض ومن عليها ويهب العافية وهدوء البال لمن تبقى من جيل اكتوبر 1973م وان يحفظ الله مصرنا الغالية حيث انها مركز الثقل العربى والعالمى ورمانة الميزان للعرب جميعا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى