غزة تفضح نتنياهو.. أزمة سياسية داخلية وجنود الاحتلال في مصائد الموت

تواجه حكومة بنيامين نتنياهو أزمة متصاعدة في الداخل الإسرائيلي، مع تزايد الانتقادات التي تُحمّلها مسؤولية الفشل في إدارة الحرب على قطاع غزة والتأخر في إبرام صفقة تبادل الأسرى. ويؤكد مراقبون أن هذا التأخير لم يعرّض الرهائن داخل غزة للخطر فحسب، بل جعل مئات الجنود في القطاع مكشوفين لمصائد الموت اليومية.

وفي هذا السياق؛ قال المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، يوآف زيتون، إنه “فيما يتزايد خطر الموت على الجنود، ويتدهور وضع الرهائن في أنفاق حماس أسبوعًا بعد أسبوع؛ ينتظر الجنود وزراء الحكومة ورئيسها، الذين يماطلون في الرد على الوسطاء منذ أسبوعين”.

وتكشف هذه المماطلة، وفق المحللين الإسرائيليين، عن أولويات سياسية غامضة لدى نتنياهو ووزرائه، حيث لم يعد الهدف الأساس إعادة الأسرى، بل إبقاء أوراق التفاوض قائمة حتى لو كان ثمن ذلك حياة الجنود والرهائن.

على الصعيد الميداني؛ تكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة في محاور “موراغ” و”ماغين عوز” في خانيونس ورفح. فهذه المحاور التي أنشأها الجيش لتقطيع أوصال القطاع تحولت إلى خطوط دفاعية قاتلة، إذ يتعين على مئات الجنود حمايتها بشكل دائم.

ووفق مقالة زيتون ذاتها؛ فإن “نصف قوات الفرقة تقريبًا منشغلة بمهام دفاعية داخل خانيونس، وليس بمهاجمة أهداف حركة حماس”، الأمر الذي يعكس فقدان المبادرة العسكرية وتحوّل الجنود إلى أهداف سهلة لمقاتلي المقاومة.

وتشير اعترافات إسرائيلية إلى أن هذه المحاور لم تكن سوى أوراق تفاوضية في صفقة الأسرى، كما حدث في يناير الماضي حين انسحب الجيش من محور نتساريم بعد إطلاق سراح رهائن خلال الهدنة. لكن التمادي في استخدامها بهذا الشكل جعلها عبئًا عسكريًا، حيث “سقط عشرات الجنود في معارك خان يونس خلال الأشهر الأخيرة، وجُرح المئات على هذه المحاور نفسها”، بحسب ما نقله المراسل زيتون عن ضباط في الجيش.

وإلى جانب الخسائر البشرية؛ تسببت هذه الاستراتيجية في أزمة سياسية داخلية خانقة. فالرأي العام الإسرائيلي بدأ يوجّه سهام انتقاده لنتنياهو الذي يُتهم بإطالة أمد الحرب لمصالح سياسية شخصية، أبرزها البقاء في الحكم وإرضاء أجنحة اليمين المتطرف.

ومع تزايد الضغوط من عائلات الأسرى والمؤسسة الأمنية على حد سواء؛ يجد نتنياهو نفسه أمام معضلة: إما القبول بصفقة تنهي مأساة الرهائن وتخفف الضغط على الجنود، أو الاستمرار في سياسة الاستنزاف التي قد تعجّل بانهيار حكومته.

في المحصلة؛ تكشف التطورات أن غزة لم تعد فقط ساحة مواجهة عسكرية، بل تحولت إلى مرآة تعكس عمق الانقسام السياسي الإسرائيلي وفشل الحكومة في تحقيق أهدافها المعلنة. وبينما يدفع الجنود ثمن الخيارات الخاطئة في “محاور الموت”، يترسخ الانطباع بأن نتنياهو يستخدم الحرب ورقة سياسية على حساب حياة جنوده ورهائنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى