قراءة نفسية في شخصية «الملك بيبي»: النرجسية الدموية وعقدة البقاء

كتب: د. عمر الجيوسي

نشأة مبكرة وبيئة متجذرة بالكراهية
وُلِد بنيامين نتنياهو في تل أبيب عام 1949 في عائلة يهودية متشددة فكريًا. والدُه البروفيسور بن تسيون نتنياهو، وهو مؤرخ يميني متشدد في عقيدته وكرهه للعرب والمسلمين، أسس مجلة عام 1937 دعت لاستخدام القوة ضد العرب، وكان مقربًا من زئيف جابوتنسكي، مؤسس الحركة التصحيحية. هذه البيئة الفكرية المشبعة بالكراهية تجاه العرب والمسلمين أثرت بعمق في تكوين شخصيته، وشكلت الاستعدادات النفسية والانضباطية لديه، مما جعله يتبنى مواقف متشددة في السياسة والأمن منذ صغره (موقع الدراسات الفلسطينية palestine-studies.org).

مواقف عسكرية وسياسية حاسمة
يواصل نتنياهو قيادة الحملة العسكرية على غزة متبنّياً شعارًا متكررًا: «النصر التام». وصرّح أمام الكونغرس الأميركي أنّه يهدف إلى «النصر التام » في مواجهة حماس، وهجومه على معارضي الحرب داخل الولايات المتحدة أثار انتقادات واسعة. ويشير النقاد إلى أن أسلوبه يعتمد على تصعيد الأزمات وتأجيل الحلول السياسية (الغارديان).

خلافات داخلية وغضب اجتماعي متصاعد
تُشير تقارير عبرية إلى توتر العلاقة بين مكتب رئيس الوزراء وقيادة الجيش حول استراتيجيات الحرب، فيما خرجت تظاهرات شعبية واسعة تطالب بوقف القتال وإبرام صفقة للإفراج عن الأسرى. عائلات وأصدقاء الأسرى كانوا في طليعة المحتجين، متهمين الحكومة بتأخير حلّ الملف (هآرتس).

تقدير الذات واللقب الإعلامي
في تصريحات حديثة، وصف نتنياهو نفسه بأنه «ولد بعد عام من تأسيس الدولة اليهودية، وأفنى حياته في محاربة من يسعون لتدميرها»؛ ما يعكس اعتزازه العميق بدوره كحامٍ لـ”إسرائيل”، ويظهر تقديره لقدراته الفردية في مواجهة تحديات متعددة تشمل السيطرة على ثماني دول، وسبع جبهات عسكرية في آن واحد (مرصد الدراسات الشرقية والاجتماعية ـ مصر: marsad.ecss.com.eg).
كما يُلقب في وسائل الإعلام بـ«الملك بيبي»؛ تعبيرًا عن طول فترة حكمه وتفرده في السلطة (ndtv.com القناة الهندية إن دي تي في).
وفي قراءة نفسية مبسطة، يرى البروفيسور الإسرائيلي دان شيفتان، خبير الأمن القومي أن نتنياهو «مهووس بالبقاء السياسي، حتى لو قاد إسرائيل إلى عزلة داخلية وخارجية»، فيما يصفه عالم النفس الأمريكي جيرولد بوست بأنه «يمثل نموذجًا للشخصية النرجسية القادرة على تبرير العنف كوسيلة للزعامة ( Foreign Policyـ فورين بوليسي ).

أساليب إعلامية ورمزية صادمة
يعتمد نتنياهو على إجراءات رمزية وصادمة لجذب الانتباه الإعلامي، خاصة في الخطاب الدولي. ففي عام 2012 أمام الأمم المتحدة،حيث عرض خريطة وصورة توضيحية لقنبلة تُظهر التهديد النووي الإيراني، في خطوة اعتبرها مراقبون استعراضًا مسرحيًا لتصوير التهديد وتحديد “خط أحمر” أمام إيران، بدلاً من الاعتماد على بيانات أو تحليلات عسكرية دقيقة (رويترز).

خاتمة: رجل من دماء
يبقى بنيامين نتنياهو رمزًا لرجل الحروب الذي يراهن على السلطة فوق مستقبل الدولة. سياساته المتشددة، وحبه للهيمنة، جعلته يغامر بمصير “إسرائيل”، بينما صبغ المنطقة بعقده النفسية المتجذرة منذ طفولته. دم الفلسطينيين في غزة والضفة، وسقوط المدنيين العرب في الدول المحيطة، لم يكن ثمنًا للحرب فحسب، بل نتيجة طبيعية لعقيدة قاسية تتجاوز السياسة إلى النفسية الاجتماعية، حيث امتزجت القوة الشخصية بالنرجسية والعداء المزمن.

نتنياهو، برؤيته الخاصة، حول المنطقة إلى ساحة معارك مستمرة، ليبقى إرثه حاضرًا في كل دمٍ سال، وفي كل عقدة استدعاها التاريخ في النفوس والأوطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى