حماس و كتائب القسام لا تؤكد ولا تنفي نبأ اغتيال أبو عبيدة

في لحظةٍ مشوبة بالغموض والتكهنات، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم 30 آب/أغسطس 2025 استهدافه “أبو عبيدة”، الناطق باسم “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، في غارة جوية على عمارة سكنية بحيّ الرمال وسط مدينة غزة. وأسفرت الضربة – بحسب مصادر محلية – عن استشهاد زوجته وأبنائه: ليان، ومنة الله، ويمان، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من حركة “حماس” أو كتائب القسام يؤكد أو ينفي نبأ اغتياله.
وجهٌ مقنّع وصوتٌ لا يغيب
منذ ظهوره الأول مطلع الألفية الثانية، برز أبو عبيدة كأحد أميز الوجوه الإعلامية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، رغم أن وجهه لم يُكشف يوماً.
وبكوفيته الحمراء وصوته الثابت، خاطب الفلسطينيين والعالم في أشدّ لحظات الحرب قسوة، ليغدو رمزاً إعلامياً يتجاوز حدود الصورة، ويجسّد خطاباً مقاوماً يزاوج بين القوة العسكرية والأثر النفسي والإعلامي.
وفي كل حربٍ شُنّت على غزة، كان حضوره علامة فارقة، إذ مثّل نموذجاً لخطاب لا يُدار بالسلاح وحده، بل بالكلمة التي تُبقي جذوة الصمود مشتعلة.
من عسقلان إلى جباليا
الاسم الحقيقي لأبو عبيدة هو حذيفة سمير عبدالله الكحلوت، وينحدر من بلدة “نعليا” الواقعة في مدينة عسقلان المحتلة، قبل أن يستقر في جباليا شمالي قطاع غزة. حصل على درجة الماجستير من جامعة الأزهر الإسلامية بغزة عام 2013، وكان عنوان رسالته “الأرض المقدسة بين اليهودية والمسيحية والإسلام”، ما يعكس اهتماماً فكرياً عميقاً بجذور الصراع الديني والتاريخي في فلسطين.
حياة خاصة في الظل
رغم حضوره الإعلامي اللافت، ظل الكحلوت محافظاً على خصوصيته، بعيداً عن الأضواء. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أنه أبٌ لأربعة أبناء: ليان ومنة الله، وهما حافظتان لكتاب الله، إضافة إلى يمان وإبراهيم.
مطاردٌ دائم
منذ توليه منصب الناطق الرسمي باسم “كتائب القسام” عام 2002، شكّل أبو عبيدة هدفاً دائماً لجيش الاحتلال الذي حاول اغتياله مراراً خلال الحروب والمعارك السابقة. ورغم ذلك، ظل صوته حاضراً، يعلن المواقف ويُحدّد اتجاهات المعركة، دون أن يُكشف وجهه أو تُعرف تفاصيل حياته.
لم يأتِ من كوكب آخر
“أبو عبيدة” شخصية معروفة على الأقل في نطاق مخيمه وحارته وجيرانه والمسجد الذي يصلي فيه، وأن اسمه وشكله معروفان للمتابعين لشؤون المقاومة وقادتها منذ عام 2014 على الأقل.
أحد المصادر المقربة من “حماس” يقول: “هو ابن غزة ولم يأتِ من كوكب آخر، وليس كما يعتقد الكثيرون أن لا أحد يعرف من هو”.
وأكد المصدر أن “اللثام ليس مجرد وسيلة للتخفي، بل يحمل رمزية أعمق تتعلق بالمقاومة والثورة، ويجسد إنكار الذات مقابل إبراز هوية المقاومة”، على حد وصفه.
غيابٌ لم يُؤكّد
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تأكيد رسمي من حركة “حماس” أو كتائب القسام بشأن مصير أبو عبيدة، ما يُبقي الغموض قائماً حول الشخصية التي تحوّلت إلى رمزٍ يتجاوز الأفراد، ويجسّد روح المقاومة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.