نظام البكالوريا المصري: مسار جديد اختياري بجانب الثانوية العامة

أثيرت في الآونة الأخيرة تساؤلات عديدة حول ما يُعرف بـ”نظام البكالوريا المصري”، وبدأ البعض يتساءل: ما المقصود به؟ وهل سيُلغى نظام الثانوية العامة؟ أم أن الأمر يتعلق بمنظومة جديدة كليًا؟ والإجابة القاطعة أن نظام البكالوريا ليس بديلًا لنظام الثانوية العامة، بل هو مسار جديد، اختياري، ومجاني. بمعنى أن الطالب بعد حصوله على الشهادة الإعدادية سيكون أمامه خياران: إما أن يلتحق بالثانوية العامة كما هو معتاد، أو أن يختار الالتحاق بمسار البكالوريا.
ويمتاز هذا النظام بمرونة أكبر، كما يمنح الطالب عددًا من الفرص الإضافية، ويركز على الفهم وتنمية المهارات بدلاً من الاعتماد على الحفظ، ويسمح بالتخصص المبكر في المجال الذي يفضله الطالب. وقد أكد وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف ووزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المستشار محمود فوزي أن نظام البكالوريا ليس إلزاميًا، وإنما يُعد بديلًا اختياريًا متاحًا إلى جانب الثانوية العامة، وأن النظام الحالي للثانوية العامة سيظل قائمًا.
جاء قرار الدولة بتطبيق نظام البكالوريا لتوفير مسار تعليمي أكثر إنصافًا ومرونة، ولا يمثل بديلًا لإلغاء الثانوية العامة، بل هو مكمل لها لتحقيق التنوع التعليمي ومواكبة النظم التعليمية الدولية، حيث يتيح نظام البكالوريا للطلاب فرصًا متعددة لإعادة الامتحانات وتحسين الدرجات، مما يُخفف من وطأة الضغط النفسي المرتبط بامتحان الثانوية العامة التقليدي، كما أنه يعزز فكرة التخصص المبكر ويؤهل الطالب لسوق العمل بشكل عملي.
وقد أوضح وزير التعليم أن فلسفة النظام الجديد قائمة على تمكين الطالب من التحكم في مستقبله بدلاً من الاعتماد الكامل على مكتب التنسيق، وأكد أن النظام يتيح للطالب الفرصة لإعادة المحاولة دون أن يكون فشل تجربة واحدة نهاية لمسيرته التعليمية، فإذا لم يحصل الطالب على المجموع المناسب من أول محاولة، يمكنه إعادة الامتحان لتحقيق هدفه.
مدة الدراسة في نظام البكالوريا ثلاث سنوات، يحصل الطالب في نهايتها على شهادة تعادل شهادة الثانوية العامة طبقًا لنص المادة ٣٧ مكرر ١ من مشروع قانون التعليم الجديد، ويبدأ الطالب في الصف الأول الثانوي بدراسة مواد أساسية مشتركة مثل اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والتاريخ المصري والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق والرياضيات، بالإضافة إلى مواد غير مضافة للمجموع مثل التربية الدينية والبرمجة وعلوم الحاسب.
وفي الصفين الثاني والثالث الثانوي، تُقسم الدراسة إلى مسارات تخصصية، حيث يختار الطالب في الصف الثاني الثانوي مسارًا من بين أربعة مسارات رئيسية هي الطب وعلوم الحياة، الهندسة والحاسبات، قطاع الأعمال، الآداب والفنون، ويتمكن من التحويل بين هذه المسارات عند الحاجة، ويبدأ الطالب بدراسة مادة تخصص واحدة في الصف الثاني الثانوي، ثم يدرس مادتين تخصصيتين في الصف الثالث ضمن نفس المسار.
تُعد مادة التربية الدينية في نظام البكالوريا مادة نجاح ورسوب، وقد أوضح وزير التعليم أن هذا القرار رسالة واضحة بأهمية الدور التربوي والديني في تكوين شخصية الطالب، مؤكدًا أن التعليم لا يقتصر على المواد الأكاديمية فقط، بل يشمل بناء الشخصية المتكاملة.
يتيح النظام للطلاب إعادة الامتحانات لتحسين درجاتهم، ويُجرى الامتحان الأول مجانًا، بينما لا تتجاوز رسوم إعادة الامتحان مبلغ 200 جنيه للمادة، وحد أقصى 400 جنيه، مما يفتح المجال أمام الطالب لتحسين مستواه دون عبء مالي كبير، كما يسمح النظام بتحويل الطالب من مسار تخصصي إلى آخر بسهولة، عبر تغيير مادتين فقط، مما يمنح مزيدًا من الحرية في تحديد الاتجاه التعليمي المناسب للطالب.
وتُوضع القواعد المنظمة لتشغيل هذا النظام بقرار من وزير التربية والتعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي، ويحدد مجلس الوزراء قواعد الترخيص بتطبيق النظام في المدارس الخاصة. أما نظام التقييم والامتحانات، فيُحدده وزير التعليم بعد التشاور مع الجهات المعنية، ويشمل تحديد مواعيد الامتحانات، الدرجات، عدد المحاولات، والنهايات الكبرى والصغرى للمواد، وفقًا لنص المادة ٣٧ مكرر ٢ من مشروع القانون.
خلاصة القول أن نظام البكالوريا هو مسار تعليمي جديد يتم تطبيقه بجانب الثانوية العامة، يهدف إلى تحقيق العدالة، والمرونة، وتنمية المهارات، ويمنح الطالب فرصًا حقيقية للتحكم بمستقبله، دون أن يُلغى النظام التقليدي، بل يظل خيارًا متاحًا بجانبه.
بقلم| الدكتورة/ سمر سالم عضو مجلس النواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى