مجزرة مروعة لأمريكا في اليمن: 74 شهيداً على الأقل و171جريحا خلال استهداف ميناء نفطي

أوقعت الغارات الأمريكية التي استهدفت، ليل الخميس، منشأة ميناء رأس عيسى النفطي في مديرية الصليف في محافظة الحديدة غربي اليمن، مجزرة مروعة ذهب ضحيتها من المدنيين، وفق وسائل إعلام تابعة لحركة «أنصار الله» (الحوثيون)، 74 شهيداً و171 جريحًا كحصيلة غير نهائية، من عمال وموظفي الميناء.
وأكدت وزارة الصحة في صنعاء «أن فرق الإنقاذ من الإسعاف والدفاع المدني ما تزال تتعرف عن مفقودين والبحث عن الضحايا».
وتداول يمنيون، أمس الجمعة، على منصات التواصل الاجتماعي، صورًا لبعض الضحايا من عمال وموظفي الميناء، وغالبيتهم في ريعان الشباب. وطغى على معظم التدوينات الحسرة جراء استمرار نزيف بلادهم خيرة أبنائها، وإدانتهم للمجزرة الناجمة عن الغارات الأمريكية للميناء. وهذا لا يلغي للأسف وجود تدوينات يمنية تبرر للأمريكي غاراته، تحت تأثير تداعيات حرب السنوات العشر.
وأعلنت وزارة الصحة في صنعاء، ظهر الجمعة، ارتفاع عدد شهداء العدوان الأمريكي على منشاة رأس عيسى، إلى 245 شهيدًا وجريحًا في حصيلة غير نهائية، وفق خبر لقناة المسيرة الفضائية التابعة لحركة «أنصار الله»، التي نشرت أيضًا مقاطع فيديو للضحايا.
وقال القيادي في دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع في حكومة «أنصار الله»، العميد أحمد الزبيري: «إن الولايات المتحدة اتجهت إلى استهداف مقدرات البنى التحتية للاقتصاد اليمني بهدف خنق الأوضاع المعيشية لليمنيين، بل إن استهدافها للميناء للمرة الثانية خلال مرحلة الإسعاف كان الهدف منه ارتكاب مجزرة»، حد تعبيره.
وأوضح العميد، في تصريح لـ«القدس العربي» أن «تحول العدوان الأمريكي في اتجاه المنشآت الاقتصادية الحيوية إنما يستهدف بذلك الإمعان في حصار الشعب اليمني، ومفاقمة الأوضاع المعيشية؛ انطلاقاً من الخبرة الواسعة لواشنطن في حصار الشعوب»، حد قوله.الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون وحاملتي الطائرات الأمريكية
واعتبر «أن هذا التحول في العدوان الأمريكي يؤشر لحجم الفشل، الذي يستشعره الأمريكيون من خلال عدم تحقيق أي أهداف عسكرية على الأرض، مع استمرار عمليات الإسناد اليمني لقطاع غزة من خلال استمرار العمليات ضد السفن الحربية الأمريكية وفي العمق الإسرائيلي».
واستبعد «أن يكون لهذه الغارات أي تأثير على الأوضاع التموينية للنفط، لأن المؤسسات المعنية اتخذت الاحتياطات اللازمة لمواجهة مثل هذا الأمر». وقال: «سبق واستهدفت مقاتلات إسرائيلية العام الماضي الميناء لذات الهدف، ما يؤكد أن العدوان يفكر بطريقة واحدة؛ لأن من يقف خلف كل هذه الغارات هي إدارة واحدة»، حد قوله.
وشنت المقاتلات الأمريكية، مساء الخميس، هجومًا مزدوجًا على منشأة ميناء رأس عيسى، متسببة في عشرات الضحايا من موظفي وعمال الميناء، وفق وسائل إعلام تابعة لـ «أنصار الله».
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، في «تدوينة»، إن «الإجرام الأمريكي يطال مصالح الشعب اليمني كافة». وأضاف: «جريمة العدوان الأمريكي البشعة بحق مدنيين أبرياء ومنشآت مدنية فضيحة كبرى لأمريكا التي تفاخر بتفوقها العسكري»، مشيرًا إلى أن الجريمة «تكشف طبيعة أمريكية إجرامية موغلة في الإجرام والتوحش».
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت، في بيان، أنها دمرت منصة الوقود في ميناء رأس عيسى، الذي يسيطر عليه الحوثيون بهدف القضاء على مصدر الوقود للحوثيين وحرمانهم من الإيرادات غير المشروعة. وأضاف البيان: «الضربات هدفت لإضعاف مصدر القوة الاقتصادية للحوثيين».
عقاب جماعي لليمنيين
السؤال الراهن: كيف نفهم استهداف واشنطن لميناء رأس عيسى، وفي أي سياق يمكن قراءته وماذا سيترتب عنه؟
يقول الصحافي الاقتصادي رشيد الحداد لـ«القدس العربي»: «استهداف ميناء رأس عيسى النفطي يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الموجهة ضد اليمنيين بشكل عام ولن يمس الحوثيين، فالميناء يستقبل شحنات النقط التي تزود أكثر من 65% من السوق اليمني، والتداعيات سيتضرر منها عامة الناس».
وأضاف: «فيما يتعلق بالأسباب التي دفعت واشنطن لارتكاب هذه الجريمة فتعود لفشل إدارة ترامب في تحقيق أي أهداف عسكرية، وفشلت أيضاً في تنفيذ قرار منع دخول النفط وفق قرار الخزانة الأمريكية منذ مطلع أبريل/نيسان الجاري، وإذا كان مبرر واشنطن التي استخدمته في قصف الميناء هو استهداف مصادر تمويل «أنصار الله»، فإن هذا المبرر بحد ذاته جريمة؛ كون الضرر سيكون أكبر، واستهداف الميناء سيضاعف المعاناة الإنسانية لنحو 26 مليون يمني يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين، لذلك نرى أن ما حدث جريمة حرب وعقاب جماعي ضد اليمنيين».
لكن الحداد ذهب للقول إن هذ التصعيد الأمريكي قد يدفع المنطقة إلى مزيد من التأزيم من خلال تصعيد الحوثيين عملياتهم البحرية ضد سلاسل الإمداد الأمريكية: «نؤكد أن استهداف البنى التحتية اليمنية وتضييق خيارات العيش الكريم على اليمنيين لن يمنح أمريكا النصر، بل يعكس حالة ضعف ووهن وفشل إدارة ترامب في تحقيق أهداف حملتها العسكرية، ومثل هذه الجرائم قد تشكل دافعاً لصنعاء لاستخدام خيارات مزعجة لأمريكا، خاصة أن قوات صنعاء (الحوثيون) تمتلك قدرات عسكرية متطورة تتيح لها اتخاذ خيارات مضادة لحرب أمريكا الاقتصادية».
وأضاف: «من الخيارات التي لا نستبعد اتخاذها خلال الفترة القادمة رفع مستوى التصعيد ضد سلاسل الإمداد الأمريكية في البحر العربي والمحيط الهندي ولا نستبعد نعرض سلاسل إمداد أمريكية للاستهداف من قبل قوات صنعاء (الحوثيون) في البحر الأبيض».
جريمة حرب
حكومة «أنصار الله» اعتبرت «أن استهداف العدو الأمريكي لميناء رأس عيسى النفطي، جريمة حرب متكاملة الأركان، كون الميناء منشأة مدنية وليست عسكرية تخدم جميع اليمنيين، وليست حكراً على فئة معينة».
وقالت في بيان: « في جريمة حرب جديدة، أقدم العدو الأمريكي على استهداف ميناء رأس عيسى النفطي بمديرية الصليف في محافظة الحديدة ليمثّل بهذا العدوان، الذي لا مبرر له على الإطلاق، انتهاكاً صارخاً لسيادة اليمن واستقلاله، واستهدافاً مباشراً للشعب اليمني بأكمله».
وجدد التأكيد على أن «موقف الجمهورية اليمنية في مناصرة أبناء الشعب الفلسطيني ثابت وراسخ ومبدئي، ولن تؤثر فيه الجرائم الأمريكية، وسنستمر في عملياتنا الإسنادية التي نجحت بعون الله سبحانه وتعالى، بنسبة 100٪ في منع الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر، ونؤكد استمرار إسنادنا بمختلف أنواعه وأشكاله للشعب الفلسطيني المظلوم حتى إيقاف العدوان على غزة وإنهاء الحصار على سكانها».
وطمأنت كافة المواطنين بأن «الوضع التمويني مستقر»، مؤكدة «أن العدو الأمريكي لن يحصد سوى الهزيمة المذلة والفشل، وأن عدوانه لن يزيد اليمن إلا قوة وصلابة، وسيؤدي بإذن الله تعالى، إلى تطوير القدرات اليمنية وزيادتها».
إلى ذلك، أعلن المتحدث العسكري باسم الحركة، العميد يحيى سريع، عن «تنفيذ عمليتين عسكريتين؛ استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في محيط مطار بن غوريون في منطقة تل أبيب، واستهدفت الثانية حاملتي الطائرات الأمريكيتين «ترومان» و»فينسون» والقطع الحربيةَ التابعة لهما في البحرين الأحمر والعربيّ».
وأوضح العميد سريع، في بيان، «أن القوة الصاروخية نفذت عمليةً عسكريةً استهدفتْ هدفاً عسكرياً في محيطِ مطارِ بن غوريون في منطقةِ يافا المحتلة، وذلك بصاروخٍ باليستيٍّ نوع «ذو الفقار».
وذكر أن «القوة الصاروخية وسلاح الجوِّ المسير والقوات البحرية نفذت عمليةً عسكريةً مزدوجةً استهدفتْ حاملتيِ الطائراتِ الأمريكيتينِ «ترومان» و»فينسون» والقطعَ الحربيةَ التابعةَ لهما في البحرينِ الأحمرِ والعربيِّ، وذلك بعددٍ من الصواريخِ المجنحةِ والطائراتِ المسيرة»، مشيرًا إلى أن «هذا الاستهدافُ هو الأولُ للحاملةِ «فينسون» منذُ وصولِها إلى البحرِ العربي».
وقال إنه «وللشهرِّ الثاني على التوالي، تستمرُّ القواتُ المسلحةُ (التابعة للحركة) في التصدي الفاعلِ والمسؤولِ للعدوانِ الأمريكيِّ على بلدِنا، كما وعدتْ بمواجهةِ التصعيدِ بالتصعيد».
كما أعلن العميد سريع «أن الدفاعات الجوية نجحت في إسقاطِ طائرةٍ أمريكيةٍ نوع (إم كيون-9) أثناءَ قيامِها بتنفيذِ أعمالٍ عدائيةٍ في أجواءِ محافظةِ صنعاءَ، وذلك بصاروخٍ أرض جوّ محليِّ الصنع، وتُعدُّ هي الخامسة في غضونِ ثلاثةِ أسابيع، والعشرينَ خلالَ معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدسِ إسناداً لغزة».
في المقابل، ذكر الجيش الإسرائيلي أن «سلاح الجو اعترض صاروخًا أطلق من اليمن». قائلاً: «تم تفعيل إنذارات في عدة مناطق في البلاد». كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية عن سماع دوي صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى وغرب الضفة الغربية وجبال غرب القدس، تلاها سماع انفجارات عقب رصد صاروخ من اليمن. ورفعت حشود المتظاهرين في صنعاء الأعلام اليمنية والفلسطينية، وهتفت بالنصر للمقاومة والتحدي للتصعيد الأمريكي في اليمن.
إدانات
فصائل المقاومة الفلسطينية أدانت في بيانات منفصلة الغارات الأمريكية التي استهدفت ميناء رأس عيسى في اليمن.
وأدانت حركة المقاومة الإسلامية، حماس، «العدوان الجوي الأمريكي الإجرامي الذي استهدف ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة في الجمهورية اليمنية الشقيقة، الذي أسفر عن استشهاد وجرح العشرات من المدنيين، بينهم مسعفون وعاملون في الميناء». وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «أن العدوان الأمريكي الآثم على اليمن (…) لا ينفصل عن جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، فالمجرم واحد، والنار واحدة، والضحايا هم المدنيون الأبرياء الذين يدفعون ثمن صمت العالم وتواطؤ المنظومة الدولية».
كذلك، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الهجوم «عدوانًا همجيًا سافرًا يرقى إلى مستوى جريمة حرب صريحة، ضمن تصعيد عسكري غير مسبوق».
أيضًا، أدانت لجان المقاومة في فلسطين بأشد العبارات العدوان الأمريكي، معتبرة أنه «جريمة جديدة تضاف إلى سجله الحافل بالعدوان وسفك الدماء بحق شعوب الأمة».
وأعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن «تضامن الجمهورية الاسلامية الإيرانية مع الشعب اليمني المقاوم»، داعيًا إلى «وضع نهاية لصمت المجتمع الدولي وعدم تصرفه إزاء الانتهاك الصارخ للقانون الدولي وحقوق الإنسان على يد أمريكا ضد الشعب اليمني».