رسالة خامنئي على طاولة بوتين.. هل تشعل موسكو فتيل النووي الإيراني؟

حطّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رحاله، ، في موسكو، حاملاً رسالة وُصفت بأنها “رفيعة المستوى” من المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتأتي زيارة عراقجي في توقيت دقيق، لتعكس حجم التنسيق بين طهران وموسكو وسط احتدام التوترات مع الغرب بشأن ملف إيران النووي.

وتتزامن الزيارة مع استئناف مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، بعد لقاءات سرية استضافتها سلطنة عُمان مؤخرًا.

وتراهن طهران على موقف روسي داعم في وجه الضغوط الغربية، بينما تسعى موسكو إلى تعزيز موقعها كطرف فاعل في أي تسوية محتملة للملف النووي الإيراني.

وفي تصريحات رسمية عقب وصوله إلى موسكو، أكد وزير الخارجية الإيراني أن زيارته تهدف بالأساس إلى نقل رسالة سياسية واضحة تعكس ثبات موقف طهران في المفاوضات النووية.

وأوضح عراقجي أن بلاده ترفض تماماً أي تفاوض تحت وقع الضغوط أو العقوبات، مشدداً على أن إيران تدافع عن حقها المشروع في تخصيب اليورانيوم وفق احتياجاتها السلمية.

من جهته، أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوزير الإيراني حمل رسالة خطية من المرشد الأعلى الإيراني، مؤكداً أن الرئيس الروسي سيتلقى هذه الرسالة مباشرة.

وقال بيسكوف إن “علاقات موسكو مع إيران راسخة، ونتشاور معها بشكل دائم، ونحن على استعداد لمواصلة الحوار حول جميع القضايا التي تشغل الأمن والاستقرار الإقليمي”.

دلالات التوقيت

ويرى الخبراء، أن زيارة عراقجي إلى موسكو تأتي في توقيت حساس، في ظل مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن حول الملف النووي، وأن الرسالة التي يحملها قد تتعلق بمصير مخزونات اليورانيوم المخصب، خاصة مع وصول نسبة التخصيب الإيرانية إلى 60%، بينما يشترط تصنيع قنبلة نووية تجاوز نسبة 90%.

وأوضح الخبراء في تصريحاتة  أن الولايات المتحدة تطالب بنقل الكميات المخصبة إلى روسيا لضمان رقابتها، فيما تصر طهران على إبقائها داخل حدودها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرة ذلك ضمانة إستراتيجية لأي تصعيد أو انسحاب أمريكي محتمل من الاتفاقيات النووية.

رسالة إيرانية للكرملين

وبهذا الصدد، قال مدير مركز “JSM” للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، إن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو، والتي يُقال إنها تحمل رسالة خاصة من المرشد الأعلى الإيراني، تأتي في توقيت بالغ الأهمية بعد جولة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي، استضافتها سلطنة عُمان مؤخراً.

وأوضح ملحم، أن التقديرات تشير إلى أن هذه الرسالة قد تتعلق بمسألة إعادة تخصيب اليورانيوم، خاصة مع بلوغ نسبة التخصيب الإيرانية 60%، في حين أن تصنيع قنبلة نووية يتطلب وصول النسبة إلى أكثر من 90%.

وأضاف أن الولايات المتحدة تضغط لنقل الكميات المخصبة إلى روسيا لتكون تحت إشرافها، بينما تصر طهران على الاحتفاظ بها داخل الأراضي الإيرانية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كنوع من الضمانات الإستراتيجية في مواجهة أي تهديد أو انسحاب أمريكي محتمل من أي اتفاق مستقبلي.

وتابع ملحم: “تصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أكدت أن واشنطن تشدد على ضرورة ألا تتجاوز نسبة التخصيب 3.67%، وهي النسبة المخصصة لتشغيل مفاعلات الطاقة”.

تشدد أمريكي

وأشار ملحم إلى أن الموقف الأمريكي شهد تشدداً واضحاً بعد تلك المحادثات، حيث بدأت بعض التيارات داخل الإدارة الأمريكية ترفض إبقاء أي كميات من اليورانيوم المخصب أو معدات التخصيب داخل إيران، مطالبين بالتفكيك الكامل لبرنامجها النووي.

وأكد أن امتلاك إيران لتقنية التخصيب يثير قلق العواصم الغربية، خاصة أن طهران باتت أقرب من أي وقت مضى لامتلاك قدرات تصنيع قنبلة نووية، وتتعامل مع هذه الورقة باعتبارها وسيلة ردع في حال تعرضها لهجوم عسكري.

وتوقع ملحم أن تلعب روسيا دوراً مهماً في هذه المعادلة، سواء عبر استقبال الكميات المخصبة، أو عبر ترتيب تفاهمات خلف الكواليس، مؤكداً أن موسكو لن تقدم على هذه الخطوة دون مقابل سياسي واضح في ملفات أخرى مع واشنطن أو بكين.

ورجح ملحم أن أي عمل عسكري أمريكي ضد منشآت نووية إيرانية سينطلق من حاملات الطائرات في المحيط الهندي.

الجهود القطرية والصينية

ومن جهته، أكد الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، رامي القليوبي، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني تعكس الأهمية المتزايدة للدور الروسي في التوسط بين طهران وواشنطن، خاصة في ظل تزامنها مع زيارة أمير قطر إلى موسكو.

وأوضح القليوبي أن الدوحة تمتلك سجلاً حافلاً في لعب دور الوسيط بين روسيا والولايات المتحدة في عدة ملفات، منها جهود تبادل الأسرى ولم شمل العائلات الروسية والأوكرانية، وهو ما قد يمهد لدور قطري داعم في أي حوار مرتقب حول الملف النووي الإيراني.

واستبعد القليوبي أن تضطلع الصين بدور مباشر في الوساطة بين طهران وواشنطن بسبب تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية بين بكين والإدارة الأمريكية، مؤكداً أن موسكو تبقى الدولة الأكثر قدرة على لعب هذا الدور في المرحلة الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى