انتخابات هولندا.. خسارة اليمين المتطرف تهوي بنفوذ “إسرائيل”

رأى خبراء في الشأن الإسرائيلي أن “تل أبيب” كانت من أبرز الخاسرين في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في هولندا يوم 29 أكتوبر/ تشرين 2025، وأسفرت عن تراجع حزب “الحرية” اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز.
فقد حلّ حزب فيلدرز ثانيًا خلف حزب “الديمقراطي 66” الليبرالي، الذي فاز عليه بفارق بسيط.
وبهذه النتيجة خرج كل من حزب “الحرية” و”الحركة الفلاحية المدنية” من حسابات الائتلاف الحكومي المحتمل، في مؤشر واضح على تراجع اليمين المتطرف الموالي لـ”إسرائيل”.
** إقصاء “فيلدرز” خسارة مباشرة لـ”تل أبيب”
قال توماس فان غول المختص بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في منظمة “السلام” الهولندية، إن “استبعاد حزب فيلدرز من جميع سيناريوهات تشكيل الحكومة يعني تراجع التأثير الإسرائيلي في المشهد السياسي الهولندي“.
وأضاف أن هذا التراجع “يعني تقلص نفوذ تل أبيب داخل الحكومة المقبلة، وصعوبة الدفاع عن مصالحها في البرلمان الهولندي“.
وتابع غول: “نعم، لا تزال هناك أحزاب تدافع عن إسرائيل وترفض فرض عقوبات عليها، لكن نفوذها في البرلمان الجديد بات أضعف بكثير“.
وأشار إلى أن “تشكيل الحكومة في هولندا يتطلب تحالفًا بين أربع كتل على الأقل”، لافتًا إلى “وجود احتمالين رئيسيين في تشكيل الحكومة المقبلة، فإما يتم تشكيل حكومة وسطية أو يمين-وسط“.
وقال غول: “في الحالتين “لن يكون حزب (الحرية) جزءا من الائتلاف، حتى وإن حاولت أحزاب أخرى موالية لإسرائيل التأثير على السياسات الجديدة“.
**تغير المزاج الشعبي والأحزاب المؤيدة لـ”تل أبيب”
وأوضح غول أن “الأحزاب التي تبنت مواقف أكثر نقدا لإسرائيل شهدت صعودا في السنوات الأخيرة، في حين تراجعت شعبية الأحزاب المؤيدة لها، ما أدى إلى إعادة تشكيل البرلمان بموازين جديدة“.
وأضاف: “43 في المئة من الناخبين أخذوا بعين الاعتبار ما يجري في غزة عند التصويت”، مشيرًا إلى أن “الحزب الديمقراطي المسيحي الذي فاز بـ18 مقعدا قد يلعب دورا محوريا في اتخاذ قرارات أكثر توازنا بشأن القضية الفلسطينية“.
وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تجمّع نحو 250 ألف شخص في العاصمة الهولندية أمستردام، في مظاهرة مناهضة لسياسات حكومتهم المؤيدة لإسرائيل التي ترتكب إبادة جماعية في غزة.
الإبادة الإسرائيلية في غزة، التي تواصلت لعامين وانتهت بدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي خلفت أكثر من 68 ألف شهيد وما يزيد عن 170 ألف جريح.
وسبق أن شارك نحو 100 ألف شخص في مظاهرة بمدينة لاهاي تحت شعار “الخط الأحمر” في 18 مايو/أيار الماضي، وحوالي 150 ألف شخص في مظاهرة أخرى في 15 يونيو/ حزيران الماضي.
** ضربة مؤلمة للوبي “إسرائيل” في أوروبا
أما الصحفي الهولندي يان كويلن المراسل السابق لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة “فولكسكرانت” فقال للأناضول، إن “خسارة حزب (الحرية) ليست مفاجئة لكنها بالغة الأهمية لإسرائيل“.
وأضاف: “فيلدرز كان يتحدث عن الصراع وكأنه عضو في حزب “الليكود” اليميني الإسرائيلي (بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو)، وبعض نوابه يرتبطون به فعلًا، لذلك فإن غيابه عن الحكومة ضربة مؤلمة للوبي الإسرائيلي في أوروبا“.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
بدوره قال الباحث يان ترفورت المتخصص في دراسات اللوبي الإسرائيلي، إن “عدد النواب الذين يدعمون إسرائيل دون قيد أو شرط في البرلمان الهولندي انخفض من نحو 95 نائبًا في انتخابات 2023 إلى ما بين 64 و65 نائبًا فقط“.
وأضاف: “بوجه عام، فقدت “إسرائيل” جزءا مهما من نفوذها داخل البرلمان الهولندي، إذ كان حزب (الحرية) يمثل الفرع الهولندي لحزب (الليكود) “.
وحذر ترفورت من أن “المشهد السياسي المقبل سيظل معقدا”، مشيرا إلى أن “(حزب الديمقراطي 66) قد يضطر إلى تشكيل ائتلاف مع أحزاب يمينية أخرى، وهو ما قد يعرقل تنفيذ وعوده بشأن اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل“.
وختم ترفورت بالقول: “لا يمكن الوثوق تماما بحزبي (الديمقراطي 66) و(الديمقراطي المسيحي) في هذا الملف، فقد يتخلّيان عن مواقفهما الناقدة لإسرائيل لصالح أجندتيهما الداخليتين“.
وأظهرت نتائج الانتخابات حصول “الديمقراطي 66” وحزب “الحرية” على نسبة متقاربة بلغت 16.7 في المئة لكل منهما، لكن الحزب الأول تقدم بفارق نحو 15 ألف صوت، بينما تراجعت نسبة تأييد حزب فيلدرز من 23.5 إلى 16.7 في المئة خلال عام واحد، مسجلًا خسارة قدرها 7 نقاط مئوية.



