لمن يميل ميزان القوة العسكرية بين تركيا وإسرائيل؟

لا شك أن ثمة تصاعدا واضحا للتوترات بين تركيا وإسرائيل بسبب سلوك تل أبيب الإجرامي في غزة وكذلك اعتداءاتها المتكررة على سوريا، وتثير هذه التوترات هواجس ومخاوف لدى مراقبين من إمكانية تطورها السريع واحتمالية وصولها إلى احتكاكات تكتيكية أو مواجهة حقيقية قد يفرضها تعارض وتضارب المصالح وخاصة الأمنية منها.
فمع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتولي إدارة جديدة تصنّف على أنها مقربة وحليفة لأنقرة وتداول أنباء عن سعي تركيا لامتلاك قواعد عسكرية لدى جارتها الجنوبية، استشعرت تل أبيب خطرا يقترب من حدودها ما دفعها إلى قصف متكرر لمواقع عديدة في سوريا والتوغل جنوبها والسيطرة على مواقع إستراتيجية خاصة جبل الشيخ.
كما أن الانتقادات اللاذعة من أنقرة وعلى أعلى المستويات للإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ عامين، وإعلان تركيا عددا من الإجراءات منها قطع علاقاتها التجارية مع تل أبيب وإغلاق موانئها أمام سفنها، كل هذا دفع سياسيين ومقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحديث بأن تركيا قد تكون الهدف التالي لآلة تل أبيب العدوانية في المنطقة بعد استهدافها إيران واليمن ولبنان وسوريا وقطر وتهديدها للعراق، إضافة إلى ما تفعله في غزة والضفة الغربية المحتلة.
تلك الإشارات استقبلتها أنقرة برد التهديد بالتهديد إلا أنها اتخذت كذلك إجراءات عملية عاجلة لمواجهة محتملة مع إسرائيل نبّه إليها تقرير استخباري تركي صدر مؤخرا، وشملت تلك الإجراءات تطوير أنظمة دفاع جوي، وتقوية الجبهة الداخلية، والبدء ببناء ملاجئ متطورة ومضادة للتهديدات النووية.
والسؤال هنا ماذا لو وقعت بالفعل المواجهة المحتملة بين تركيا وإسرائيل ولمن تميل كفة ميزان القوة
ميزان القوى
تتقدم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على إسرائيل في التصنيف العالمي للقوة العسكرية (Power Index) حسب تصنيف “غلوبال فاير باور” (Global fire power) المتخصص في الإحصاءات والبيانات العسكرية لمختلف الدول، إذ تحتل تركيا المرتبة التاسعة عالميا في تصنيف عام 2025 في حين تتأخر إسرائيل عنها 6 درجات وتحتل المرتبة الـ15.
كما أن الميزانية العسكرية لتركيا تبلغ 47 مليار دولار مقابل ميزانية إسرائيل العسكرية والبالغة 30 مليارا.
وهذه مقارنة بين القوة البشرية والعسكرية بين الطرفين لمختلف صنوف القوى البرية والجوية والبحرية، وذلك وفق بيانات غلوبال فاير باور مع العلم أن معظم الدول لا تكشف عادة عن جزء من أسلحتها ومقدراتها العسكرية، كما أن بيانات الرصد تعتمد على أرقام وأعداد بغض النظر عن نوعية الأسلحة وقدراتها ومدى تطورها.مقارنة
تتفوق تركيا من ناحية القوى البشرية على إسرائيل بفارق كبير كون عدد سكان تركيا يتجاوز 84 مليونا في حين يبلغ عدد السكان في إسرائيل 9.4 ملايين أكثر من 20% منهم فلسطينيون.
وهذا التفوق في العدد ينعكس بطبيعة الحال على حجم القوى البشرية المتاحة والمؤهل منها للخدمة العسكرية وعدد الذين يبلغون سن التجنيد سنويا، كما ينعكس على عدد الأفراد في الخدمة الفعلية، أي قوام الجيش، وهو المؤشر الأهم؛ إذ يبلغ في تركيا 355 ألف عسكري مقابل 170 ألفا في إسرائيل، بينما يتقارب عدد قوات الاحتياط بين الطرفين (378 ألفا في تركيا و465 ألفا في إسرائيل) كون تل أبيب تعتمد بشكل كبير على الاحتياط في نظام التجنيد لديها.
أما بخصوص القدرات الجوية فتُظهر البيانات نفسها تقدما لصالح إسرائيل في مجال الطائرات المقاتلة المصمّمة للقتال الجوي أي السيطرة على السماء وإسقاط طائرات العدو وكذلك بالنسبة لطائرات الهجوم المهيأة لضرب أهداف أرضية أو بحرية ودعم القوات على الأرض، بينما تتفوق تركيا في إجمالي عدد الطائرات والطائرات المروحية والمروحيات الهجومية وطائرات النقل والتدريب والمهام الخاصة.
بريا تتفوق تركيا على إسرائيل بعدد الدبابات؛ إذ تمتلك أنقرة أكثر من 2200 دبابة مقابل 1300 لتل أبيب، كما تمتلك تركيا ضعف عدد المركبات المدرعة القتالية تقريبا التي لدى إسرائيل، وكذلك الأمر بخصوص “قاذفات الصواريخ المتحركة” (MLRS)، ويتسع الفارق أيضا لصالح أنقرة بالنسبة لسلاح المدفعية.
وبالنسبة للقوة البحرية، فإن تركيا تمتلك قطعا بحرية يبلغ عددها 182 في حين إسرائيل تمتلك 62 فقط، ورغم ذلك لا يملك الطرفان قوى بحرية كبيرة على مستوى العالم؛ إذ لا تمتلكان أي حاملات طائرات أو مدمرات في حين تمتلك تركيا حاملة مروحيات وحيدة بينما لا تمتلك إسرائيل أيا منها، وبالنسبة للغواصات لدى تركيا 13 غواصة في حين لدى إسرائيل 5 غواصات فقط.