تصريح كتائب القسام الأخير.. خطاب ردع تكتيكي وسياسي

صدر عن قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام تصريح عسكري، اليوم الخميس، أكدت فيه أن مدينة غزة “لن تكون لقمة سائغة” لجيش الاحتلال الإسرائيلي، “فقد أعددنا لكم جيشاً من الاستشهاديين، وآلافاً من الكمائن والعبوات الهندسية”، مضيفة: “أسراكم موزعون داخل أحياء مدينة غزة… ولن نكون حريصين على حياتهم طالما أن نتنياهو قرر قتلهم”.

تصريح “القسام” جاء ليؤكد أن معركة غزة دخلت مرحلة جديدة من الصراع المفتوح مع الاحتلال، حيث حمل البيان رسائل تهديد واضحة للقيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وأكد أن غزة ستكون مقبرة لجنود الاحتلال، ما يعكس استعداد المقاومة لخوض حرب استنزاف طويلة ومكلفة.

الرسائل العسكرية

ركز البيان على الجانب الميداني حين أكد أن “غزة لن تكون لقمة سائغة لجيشكم الرعديد”، وأنها تحولت إلى أرض ملغومة بالاستشهاديين والكمائن والعبوات الهندسية. وهذه اللغة العسكرية المباشرة تهدف إلى كسر صورة جيش الاحتلال الذي يحاول الظهور بمظهر القوة المطلقة، عبر التأكيد على أن كل متر في غزة قد يكون فخاً قاتلاً لجنوده.

كما شددت “القسام” على استهداف خاص لوسائل التوغل الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الجرافات العسكرية ستكون أهدافاً مميزة، وأن العبوات ستزرع حتى داخل قمرات الآليات، وهو إعلان يحمل أبعاداً نفسية بقدر ما هو عسكري، إذ يبعث رسالة بأن الاحتلال لن ينجو لا بجنوده ولا بآلياته مهما بلغت الحماية والتكنولوجيا.

ويعكس التركيز على حرب الاستنزاف استراتيجية طويلة الأمد هدفها إنهاك جيش الاحتلال مادياً وبشرياً، حيث جاء في التصريح: “أنتم تدخلون في حرب استنزاف قاسية ستكلفكم أعداداً إضافية من القتلى والأسرى”، ما يوضح أن المقاومة تسعى لتحويل جيش الاحتلال من مهاجم إلى قوة غارقة في وحل الاستنزاف.

البعد السياسي وقضية الأسرى

لم يقتصر تصريح “القسام” على الجانب العسكري بل حمل أيضاً رسائل سياسية قوية، حين لوّحت الكتائب بمصير الأسرى الإسرائيليين. فقد جاء فيه: “إن أسراكم موزعون داخل أحياء مدينة غزة، ولن نكون حريصين على حياتهم طالما أن نتنياهو قرر قتلهم”. وهذه اللغة القاسية تكشف أن ملف الأسرى بات ورقة ضغط مباشرة على الحكومة الإسرائيلية نفسها، ما يضاعف من مأزق القيادة السياسية والعسكرية.

وتحمل إشارة “القسام” إلى أن “بدء هذه العملية الإجرامية وتوسيعها يعني أنكم لن تحصلوا على أي أسيرٍ لا حيٍ ولا ميتٍ، وسيكون مصيرهم جميعاً كمصير رون أراد” تحذيراً استراتيجياً. فهي تربط مصير الجنود المحتجزين بقرارات القيادة الإسرائيلية، مما يضع نتنياهو أمام معضلة داخلية عميقة، إما التراجع تحت ضغط عائلات الجنود أو المضي في حرب ستفقده أوراقاً تفاوضية مهمة.

ويعكس هذا الموقف وعي المقاومة بأهمية المعركة السياسية الموازية للمعركة العسكرية. فالأسرى في غزة لم يعودوا مجرد ورقة تبادل محتملة، بل أداة ردع وإرباك للقرار الإسرائيلي، ووسيلة لإظهار عجز الحكومة أمام مجتمعها.

وختاما؛ يجمع تصريح كتائب القسام الأخير بين التهديد العسكري المباشر والتصعيد السياسي المدروس، ليؤكد أن غزة مستعدة لمعركة استنزاف طويلة لا يملك الاحتلال أدوات حسمها. فالرسالة كانت واضحة: “نصر أو استشهاد”، وهي معادلة تجعل كلفة الحرب مضاعفة على الكيان، وتحوّل قطاع غزة إلى ساحة تتآكل فيها قوة الردع الإسرائيلية، فيما تزداد المقاومة ثباتاً وثقة بقدرتها على قلب الموازين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى