استقالات واسعة تهز حكومة هولندا

هزّت موجة استقالات واسعة حكومة تصريف الأعمال الهولندية، مساء الجمعة، بعدما أعلن تسعة وزراء انسحابهم من الائتلاف الحاكم، احتجاجاً على رفض الحكومة فرض عقوبات إضافية ضد الاحتلال الإسرائيلي بسبب عدوانه على قطاع غزة وتسارُع سياساته الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.

وكان وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب أول المستقيلين، مؤكداً في بيان صحفي، أنه لم يعد يملك الثقة الكافية لمواصلة مهامه، بعد أن واجه رفضاً متكرراً داخل مجلس الوزراء لمقترحاته بفرض “إجراءات ذات أهمية” ضد “إسرائيل”.

وقال فيلدكامب، وهو سفير سابق في “تل أبيب”: “أنا أيضاً أرى ما يحدث على الأرض في غزة، الهجوم على مدينة غزة، وما يحدث في الضفة الغربية، وقرار بناء المستوطنات، وفي القدس الشرقية”.

وتبع استقالته مباشرة وزير الشؤون الاجتماعية ونائب رئيس الوزراء إيدي فان هيوم، ثم انسحب باقي وزراء حزب “العقد الاجتماعي الجديد” (NSC) من الحكومة، بينهم: (وزيرة الداخلية جوديث أوترمارك، وزيرة التعليم إيبو بروينز، وزيرة الصحة دانييل يانسن، وزيرة الدولة لشؤون التجارة الخارجية هانِكه بورما، وأربعة وزراء دولة آخرون)، ليصل العدد الإجمالي للمستقيلين إلى تسعة وزراء.

خلاف سياسي حول “إسرائيل”

قال نائب رئيس الوزراء الهولندي، فان هيوم إن الخلاف حول “إسرائيل” كان السبب المباشر في الانسحاب من الائتلاف الهش الذي يدير البلاد منذ انهيار الحكومة في يونيو الماضي. وأضاف: “باختصار، لقد سئمنا الأمر.. فيلدكامب كان يشعر بشدة بالحاجة إلى مزيد من الإجراءات ضد الحكومة الإسرائيلية، لكن المكابح كانت تُستخدم باستمرار”.

وأكدت زعيمة حزب “العقد الاجتماعي الجديد”، نيكولين فان فرونهوفن، أن الحزب وجّه رسائل متكررة بضرورة تحسن الموقف، لكن ذلك لم يحدث، مضيفة: “لذلك قررنا اتخاذ هذه الخطوة”.

ضغوط أوروبية وإعلان المجاعة في غزة

تأتي الاستقالات في وقت انضمت فيه هولندا إلى 21 دولة أوروبية وقعت على بيان مشترك الخميس، أدانت فيه مصادقة “إسرائيل” على مشروع استيطاني كبير في الضفة الغربية، واعتبرته “انتهاكاً للقانون الدولي وغير مقبول”.

كما أعلنت الأمم المتحدة أمس الجمعة بشكل رسمي حالة المجاعة في قطاع غزة، محمّلة الاحتلال المسؤولية عن الكارثة الإنسانية، مؤكدة أن أكثر من نصف مليون فلسطيني يواجهون “الجوع الكارثي” في ظل الحصار والعدوان المتواصل منذ عام 2023.

وكان فيلدكامب قد اتخذ بالفعل بعض الإجراءات ضد “إسرائيل” قبل استقالته، من بينها إلغاء ثلاثة تصاريح تصدير لمكونات بحرية موجهة لـ”تل أبيب”، وحظر دخول الوزيرين الإسرائيليين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى هولندا بسبب تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين.

أزمة حكومية جديدة

بهذه الاستقالات، أصبحت الحكومة الهولندية تضم فقط حزبين سياسيين هما “الشعب من أجل الحرية والديمقراطية” (VVD) الليبرالي، و”حركة الفلاحين المواطنين” (BBB) الشعبوي، ما أفقدها الأغلبية البرلمانية لتقتصر على 31 مقعداً من أصل 150.

وأعرب رئيس الوزراء ديك شوف عن “أسفه الشديد” لانسحاب حزب NSC من الحكومة، مؤكداً خلال كلمة أمام البرلمان أن بلاده تواجه مرحلة انتقالية صعبة، وأعلن إلغاء زيارة كانت مقررة إلى كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

أما حزب “BBB” فاعتبر في بيان أن انسحاب NSC ترك هولندا “بلا دفة قيادة”، قائلاً: “بينما كانت المحادثات لا تزال جارية، انسحبوا، تاركين وراءهم الفوضى”.

وانهارت الحكومة الهولندية السابقة في يونيو الماضي بعد انسحاب زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز وحزبه “الحرية” بسبب خلافات حول سياسات الهجرة. ومع الأزمة الحالية، يزداد المشهد السياسي تعقيداً قبيل الانتخابات المقررة في 29 أكتوبر المقبل.

وترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 220 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى