العقائد السلفية

 

كان أستاذى الدكتور على سامى النشار أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الإسكندرية يخصص عدة محاضرات ليشرح لنا نشأة وتطور المذهب السلفى وكيف دخلت فيه الإسرائيليات وممارسات من العقائد والطقوس الفارسية.

كانت البداية التاريخية على يد طائفة من علماء المسلمين رفضوا أفكارا أقحمت على الإسلام من شخصيات دخلت الإسلام وبقيت متأثرة بطقوس ومعتقدات دياناتها القديمة وأرادت التوفيق والجمع بين الإسلام وبين الديانات غير السماوية ويذكر التاريخ أسماء كثيرة لشخصيات تعمدت إفساد العقيدة الإسلامية مثل كعب الأحبار وغيره وجاء أبوحنيفة يسعى إلى إعادة العقائد الإسلامية إلى صورتها النقية كما كانت أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأيام الصحابة، ويعيد مفهوم التوحيد والحرية دعامتين أساسيتين للإيمان ويقول إن الله خلق الخلق خاليا من الكفر والإيمان ثم أمرهم ونهاهم فكفر من كفر بعمله وجحوده وآمن من آمن بفعله وتصديقه، ولم يجبر الله الخلق على فعل من الأفعال.

وركز أبو حنيفة على الطاعات وعلى إيمان النبى والخلفاء الأربعة، وعلى عدم تكفير المسلم إذا ارتكب ذنبا أو حتى ارتكب ذنوبًا كثيرة إلا إذا اعتقد أنها ليست ذنوبا، وأثبت أن أكاذيب كثيرة دسها أصحاب العقائد الوثنية مثل ما يقال عن علامات يوم القيامة مما لم يرد به نص فى الكتاب والسنة الصحيحة.

ثم تحولت العقيدة السلفية إلى صورة أخرى على يد ابن تيمية الذى عاش فى وسط تيارات سياسية متناقضة واختلافات فى العقائد فأراد العودة بالمسلمين إلى العقيدة السلفية، حربا بالسيف وباللسان وتمسكا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل وهجوما على الفلاسفة والمتكلمين والأشاعرة وعلى المؤمنين بعقائد غير إسلامية يريدون فرضها على المسلمين فيقول إن الإسلام ليس فى حاجة إلى أبناء الفرس والروم والهند والفلاسفة يأتون ليبينوا لنا العقيدة بمقتضى عقولهم وليس بما دل عليه الكتاب والسنة.

ويلخص ابن تيمية عقيدة السلف بأن يكون وصف الله بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله دون تحريف، وصفات الله بالعلم والبصر والقدرة ليست كصفات البشر ولا يصل العقل إلى كيفيتها، وعلى ذلك نفهم أن الله استوى على العرش بمعنى استولى أو بمعنى علو المكانة،واشتهر ابن تيمية فى الهجوم على المنجمين، وكان لقوة هجومه أن ازدات الحملة عليه ولجأ خصومه إلى تحريف كلامه حتى نسبوه إلى الشيعة، وكانت فتنة تحمل فيها ابن تيمية ضراوة الهجوم عليه إلى أن انتهى الأمر بانتصاره وبقى ابن تيمية الممثل الأكبر للسلفية.

هكذا بدأت الدعوة السلفية بالعودة إلى القرون الثلاثة الأولى التى شهد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته والتابعين لهم فيها وقال: »خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته.. «كانت هذه الدعوة فى بدايتها دعوة إلى إحياء الدين بالعودة إلى الأصول وإلى السلف الصالح الذين عاصروا بدايات الدعوة وتعلموا من الرسول مباشرة ثم من الصحابة والتابعين، ثم بعد العهد وبعصر النبوة ودخل الإسلام أقوام لم يفهموا الدين على حقيقته فادخلوا فيه ما ليس منه من عقائدهم وأهوائهم.

وتعددت المدارس السلفية فبدأت بتيار السلفية المعتدلة التى تدعو إلى العودة إلى العصر الذهبى للإسلام وتخليص العقيدة من الأفكار والعقائد الغريبة عنها التى أدخلت عليها، كما تدعو إلى التخلص من الأفكار والممارسات التى يرى أصحاب هذه المدرسة أنها شرك أو بدع أو كفر، وتشددوا فى تصنيف الحلال والحرام والمكروه. ومن آراء هذه الفئة أن الخروج على الحاكم حرام ولو كان ظالما، ويطلقون على أنفسهم أنهم أصحاب المنهج السليم الذى يرفض ما يؤمن به العامة من أفكار الشرك والشعوذة والخرافات والبدع والاستشهاد بأحاديث نبوية موضوعة إذا تم فحصها بالمنهج العلمى الصحيح. ويعتبر الشيخ الألبانى أكبر رموز السلفية المعتدلة، وكان يحذر أتباعه من ترديد حديث لم تثبت صحته ويحذرهم من الدخول فى السياسة والتفرغ للعبادة، ولكن تغيرت نظرة هذا التيار عندما اشتعلت أحداث 25 يناير 2011 فشاركوا فيها بعد أن أدانوها فى البداية ثم شاركوا فى الانتخابات وفى عضوية مجلسى البرلمان بل شاركوا فى الحكم واحتلوا مناصب وزارية مما يدل على أنهم لم يكونوا يؤمنون بما يرددونه ويلقنونه لأتباعهم، ولا ننسى ظهور حزب النور بقيادة زعماء التيار السلفي، وفى هذه الفترة ظهر تيار يسمى نفسه التيار السلفى الجهادي.

وقد بذل الإمام الألبانى جهدا كبيرا فى تحقيق الأحاديث والتوصل إلى ما ثبت له صحته كما بذل جهدا فى استبعاد النصوص والروايات والممارسات التى تتعارض مع العقل ومع صحيح الدين. لكن الأمور سارت فى الطريق الخطأ كما سنرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى