انطلاق مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين بالقاهرة

القاهرة – رامي فرج الله –

انطلقت اليوم الأحد، في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، أعمال الدورة الـ113 لمؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، بمشاركة وفود رسمية من الدول الأعضاء، إلى جانب ممثلين عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

وفي كلمته الافتتاحية، نقل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، الدكتور أحمد أبو هولي، تحيات الرئيس محمود عباس إلى المشاركين، مؤكدًا أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل تصعيد إسرائيلي غير مسبوق، يتجلى في حرب إبادة جماعية تستهدف الشعب الفلسطيني، وتطال بشكل مباشر المخيمات واللاجئين ووكالة “الأونروا”.

وشدد أبو هولي على أن الاحتلال يسعى إلى تقويض عمل “الأونروا” وتصفية قضية اللاجئين، من خلال حملات التحريض والتشويه وفرض إجراءات تعسفية على عمل الوكالة، وصولاً إلى محاولات إنشاء “وكالة بديلة” و”مدينة إنسانية” في رفح، واصفًا إياها بمشروع تهجيري يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وأكد أن العدوان الإسرائيلي المستمر أسفر عن أكثر من200 ألف شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 13 ألف مفقود وقرابة مليوني نازح يعيشون في خيام، في ظل حصار خانق ومنع إدخال المساعدات، وتجاهل دولي لقرارات مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية.

وحذر من المخطط الإسرائيلي بإنشاء مدينة إنسانية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وعلى مقربة من الحدود المصرية والتي ستكون بمثابة معسكرات اعتقال جماعية للفلسطينيين، غايتها تضييق الخناق على الفلسطينيين لدفعهم نحو الهجرة خارج قطاع غزة، داعيا المجتمع الدولي الى التدخل لمنع تمرير المخطط الذي يرتقي الى جرائم الحرب والتطهير العرقي.

واكد د. أبو هولي بأن الإفلات المستمر من العقاب وغياب المحاسبة الفاعلة يشجع دولة الاحتلال الاسرائيلي على مواصلة جرائم القتل والابادة ويزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، التي تأتي تحت غطاء الصمت الدولي وتقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات رادعة لوقف الجرائم الإسرائيلية داعيا الى بمحاسبة إسرائيل وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب

وحذر د. أبو هولي من خطر المجاعة الذي يلاحق أبناء شعبنا في قطاع غزة مع استمرار دولة الاحتلال الإسرائيلي اغلاق معابرها ومنع ادخل المساعدات الإنسانية الدولية منذ الأول من اذار الماضي وقطع كافة إمدادات الكهرباء والمياه، مطالباً الهيئات الأممية تحمل مسؤولياتها والاعلان المجاعة رسمياً في قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن 2.4 مليون فلسطيني مما يسمح لمجلس الامن باتخاذ التدابير اللازمة لمنع المجاعة ومحاسبة مرتكبيها.

وطالب بتحمل مسؤولياته، والتحرك الفوري لوقف العدوان على الضفة الغربية، وإطلاق النار في قطاع غزة، وفتح المعابر وإدخال المساعدات، ورفض أية محاولات لتهجير سكانه، وإلزام إسرائيل بالأوامر الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وتوفير الدعم السياسي والدبلوماسي الكامل للتوصل إلى حل الدولتين.

وأشار الى ان دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية من خلال مصادقتها على بناء 22 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية المحتلة خلال العام الجاري فقط، وعودتها إلى مستوطنات أخليت عام 2005، وتهجير أكثر من 30 تجمعاً بدوياً تتضمن 323 عائلة من أماكن سكنها إلى أماكن أخرى منذ السابع من أكتوبر 2025، وعشرات القرى والخرب الحدودية والقريبة من المستوطنات والجدار بهدف تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في الأرض الفلسطينية المحتلة علاوة على تكريس احتلالها وفرص سيادتها الى أراضي الضفة الغربية ، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى حل الدولتين،

وحذر من محاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني في الأماكن المقدسة؛ الإسلامية والمسيحية، وبالذات في المسجد الأقصى المبارك، والحرب البراهيمي الشريف من خلال الاقتحامات المستمرة للمستوطنين واقطاب حكومة اليمين المتطرفة وإغلاق مؤسساته التي كان اخرها اغلاق صندوق ووقفية القدس، والاعتداء على المصلين ومنعهم من دخل المسجد الأقصى ومنع وصول المسيحيين إلى كنائسهم علاوة على قرار دولة الاحتلال بفرض سيطرته على الحرم الإبراهيمي الشريف، ونقل صلاحيات إدارة الحرم والإشراف عليه من بلدية الخليل إلى المجلس الديني التابع لمستعمرة “كريات أربع.

وأشار أبو هولي إلى أن رؤية الرئيس محمود عباس التي أعلنها في القمة العربية الاستثنائية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل خارطة طريق فلسطينية واضحة لوقف العدوان، ومنع التهجير، وإعادة الإعمار، وتحقيق سلام عادل يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وطالب أبو هولي المجتمع الدولي بضرورة الوفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير دعم سياسي ومالي عاجل للأونروا دون أي اشتراطات سياسية، والعمل على تجديد تفويضها في سبتمبر المقبل، مشددًا على رفض أي مساس بتفويضها أو تقليص خدماتها، خصوصًا في ظل ما تتعرض له من استهداف مباشر أدى إلى استشهاد 327 من موظفيها وتدمير أكثر من 70% من منشآتها في قطاع غزة.

من جهته، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير سعيد أبو علي، إن ما يجري في قطاع غزة “حرب إبادة مكتملة الأركان”، تجسد سقوطًا مدويًا للقيم والمبادئ الإنسانية، لافتًا إلى أن الاحتلال يمارس سياسة قتل ممنهج وفرض للتجويع، مع استخدام المساعدات كأداة إذلال، راح ضحيتها أكثر من 770 شهيدًا و5,000 مصاب في صفوف منتظري المساعدات.

وأضاف أن الوضع في الضفة الغربية لا يقل خطورة، حيث أسفر العدوان عن أكثر من 1,000 شهيد و7,000 جريح، إلى جانب تدمير أكثر من 1,500 مبنى في المخيمات، وتهجير نحو 52 ألف لاجئ، في ظل هجمات المستعمرين المدعومة من جيش الاحتلال، ضمن سياسة ممنهجة للضم والتهويد والتطهير العرقي.

وأكد أبو علي أن “الأونروا” تظل الشاهد الحي على النكبة، وتمثل التزام المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين، محذرًا من محاولات تصفيتها، خصوصًا بعد قرار الكنيست بحظر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتدمير بنيتها في القدس والضفة وغزة.

من جهتها، أكدت ممثلة الأونروا، سحر الجبوري، أن الوكالة تمر بأزمة مالية هي الأشد منذ تأسيسها، حيث تواجه عجزًا يتجاوز 200 مليون دولار، دفعها إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، كتأجيل مستحقات الموردين، لضمان صرف رواتب الموظفين.

وشددت على أن بقاء الأونروا ضرورة مرتبطة بعدم وجود حل عادل ودائم لقضية اللاجئين، داعية إلى موقف عربي موحد يسهم في تجديد تفويضها، ويترجم إلى دعم سياسي ومالي عاجل لمنع انهيار الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها ملايين اللاجئين.

من جانبه، أكد الوفد المصري أن مصر ستظل متمسكة برفضها القاطع لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن استمرار الاحتلال في رفض استحقاقات السلام لن يحقق الأمن لأي طرف في المنطقة.

وشددت الوفود المشاركة على ضرورة دعم “الأونروا” ماليًا وسياسيًا، والتصدي لمحاولات تصفيتها، والعمل المشترك للحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، بما يضمن عودتهم إلى ديارهم، وفقًا للقرار الأممي 194

ويناقش المؤتمر على مدار خمسة أيام، عددا من الملفات المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية وأوضاع الفلسطينيين وفي مقدمتها قضية القدس، وجدار الفصل العنصري؛ والاستيطان والهجرة، وقضية اللاجئين الفلسطينيين، ونشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وأوضاعها المالية، والتنمية في الأراضي الفلسطينية، ومتابعة تطورات الانتفاضة ودعمها.

ومن المقرر أن يرفع المؤتمر تقريرًا بالتوصيات إلى الدورة المقبلة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في شهر سبتمبر القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى