ضوضاء الصمت

بقلم الشاعر  إبراهيم الأسود

يا فاتِني إمّا وصالُك فاتَني – فأْذَنْ لطيفكَ في الكرى بلقائي

حُزني على حُزني فديتك واغتنم – مني الثنا واحفظ عليَّ ذَمائي

لو لم تكن في القلب كنتُ عرضتُهُ – لمنظماتِ تجارةِ الأعضاءِ

بي ضجةٌ من وقع صمتٍ واقعٍ – بي مُشعِلٍ ما بي من الضوضاءِ

متصدعٌ رأسي بيأسي تَلغَطُ الـ – ـأشياءُ بي من صامتٍ أو صاءِ

صورٌ وأصواتٌ يُواتي السمعَ مأ – تاها الخفيُّ ولا يراها الرائي

ولقد رأيتُ وليس بي سِنةٌ ولا – ألممتُ منذ سنين بالصهباءِ

مَلَكَيْنِ كُلٌّ بالنُّضار مؤجَّجٌ – ومدججٌ بالكُحلِ والحِنّاءِ

مَلَكَيْنِ لولا خلتُ أنَّ اللهَ لم – يخلق ملائكةً ذوي أثداءِ

لم أدرِ هل من ماءِ مَدْيَنَ عَطَّتا – أم حَطَّتا من معقِلِ الجوزاءِ

جاءت إليَّ وقد رأتني جالساً – (إحداهُما تمشي على استحياءِ)

حسناءُ تَغرَقُ حين تَعرَقُ هل رأى – أحَدٌ تَلَهُّبَ جمرةٍ في ماءِ

قالت (أبي يدعوكَ) فاستنفَرْتُ آ – مالي العراض كعادةِ الشعراءِ

وقَبرتُ يأسي رغم أنَّ متاعب الــ – ــمنفى أفادت عن وفاةِ رجائي

وذهبت أهذي والمَدى مستعذِبٌ – ما لا يعي من هينماتِ غِنائي

وكأنني غَيْلانُ شَيَّعَ زفرةً – مَيٌّ بحزوى وهو بالدهناءِ

“آ أنتِ ما بين النقا وجلاجلٍ – ضيعتِني يا ظبية الوعساءِ”

لو كنتِ من قبل الضياع أوَيْتِ لي – ما كان بي ما كان من لأواءِ

فإذا بدا لكِ فيَّ من ندمٍ على – إشعالِ نارِ الوجدِ في أحشائي

فضعي بَنانَكِ فوق صدري إنه – لا شيء يُطفي النارَ مثلُ الماءِ

وَرَنَتْ فحدَّثني فتورُ لِحاظِها – عن بدعةِ الإحياءِ بالإيحاءِ

وعلمتُ أنَّ -وقد يَسُنُّ العشقُ تفـ – ـسيراً ولم يتسَنَّ للعلماءِ-

معنى (ألم نجعل له عينينِ) قد – يرمي إلى المرئيِّ ليس الرائي

ومفادُهُ ـ والله أعلمُ – جاءَ محــ – ــمولاً على التحذيرِ لا الإغراءِ

فاحذر مُصابَكَ طعنةً نجلاءَ تُو – رِدُكَ الردى من أعينٍ نَجلاءِ

فَمُلاعِبٌ حَوّاءَ سوف يَبيدُ أو- يُبدي مهارةَ لاعبٍ حَوّاءِ

وفهمتُ لأياً أن حُلْميَ تائهٌ – وعلى سبيلٍ لم يكن بسواءِ

ونأت ولم ينأَ الصدى عن خاطري – والطيفُ رغم تخاطر الأنواءِ

وبقيتُ ما إلا التأسي وحدهُ – ورؤىً تواسي وحدتي برياءِ

وقصائدٌ عُليا المقاصدِ صغتُُها – عُليا الجمالِ شديدةَ الإغراءِ

لو لم يَلُحْ للقارئ اسمي فوقها – وبها شَجايَ وتحتها إمضائي

نُسبت إلى ابن أبي ربيعة أو إلى – الحسن بن هانئ أو إلى الوأواءِ

ألزمتُها لِبْسَ الحجاب تَعَفُّفاً – حتى عَنَسْنَ لِقِلَّةِ الأكفاءِ

أعليتُ قدرَ بناتِ أفكاري ولم – أنظر إلى البيضاءِ والصفراءِ

ولوَ انني أرخصتُهُنَّ لكنتُ قد – عَرَّضتُ عِرضَ الشِّعر للفحشاءِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى