حوار مع خبير أسواق المال والمعادن النفيسة في حوار مع ” البلاغ الدولية”
أشرف على

أجرى الحوار – علاء عبد الفتاح
-في عالم يتسارع فيه إيقاع الأحداث الاقتصادية وتتعمق فيه العلاقة بين الفرد والأسواق المالية، تزداد الحاجة إلى فهم المفاهيم الأساسية التي تُستخدم في هذا المجال بشكل متكرر، خصوصًا أن هذه المصطلحات كثيرًا ما ترد في نشرات الأخبار الاقتصادية، والمقالات الصحفية، وحتى في الحوارات اليومية. ومع ذلك، لا تزال الغالبية العظمى من الناس تجهل معناها الحقيقي أو كيفية عملها، ما يخلق حاجزًا معرفيًا قد يحرم الكثيرين من اتخاذ قرارات مالية أفضل أو استيعاب ما يحدث حولهم.
-وقد حرصت جريدة البلاغ الدولية على إجراء خوار شامل مع أشرف على
خبير أسواق المال والمعادن النفيسة لمعرفة هذه المصطلحات، وما علاقتها ببعضها البعض، وكيف يمكن تبسيطها لتصل إلى القارئ العادي بطريقة مفهومة دون الإخلال بجوهرها الفني، وإلي نص الحوار.
-ما هي البورصة؟
البداية تكون من “البورصة”، ذلك الاسم الذي يتكرر يوميًا في الأخبار، وتُربط به الارتفاعات والانخفاضات الاقتصادية، وهو في الحقيقة سوق منظم تُعرض فيه الأسهم التي تصدرها الشركات، ويتم تداولها بين المستثمرين.
تشبه البورصة إلى حد كبير “المول التجاري” الذي يضم عددًا متنوعًا من المحال التجارية؛ في المول قد تجد محلات ملابس، مطاعم، محلات عطور، أحذية وغيرها. كذلك في البورصة، نجد شركات تعمل في قطاعات مختلفة مثل البنوك، الصناعات، الطاقة، التكنولوجيا، الأغذية، العقارات وغيرها. وكل شركة من هذه الشركات تعرض أسهمها أمام المستثمرين، ومن يرغب في الاستثمار يستطيع شراء هذه الأسهم والمشاركة في ملكية الشركة.
لكن البورصة ليست مجرد مكان لشراء وبيع الأسهم، بل هي نظام متكامل يحتوي على قوانين، وآليات، وهيئات رقابية، تضمن الشفافية، وتحقيق العدالة بين المستثمرين. وهي تشكل قلبًا نابضًا لأي اقتصاد حديث.
ما الفرق بين البورصة والأسواق المالية؟
البورصة ما هي إلا جزء من منظومة أكبر تُعرف بـالأسواق المالية، وهي تشمل كل ما له علاقة بتداول الأصول، سواء كانت أسهمًا، سندات، عملات أجنبية، سلع، أو مشتقات مالية.
ما هي أبرز مكونات الأسواق المالية؟
الفوركس (Forex):
سوق تبادل العملات الأجنبية. مثلًا: شراء اليورو مقابل الدولار، أو بيع الجنيه الإسترليني مقابل الين الياباني.
يُعد هذا السوق الأكبر حجمًا من حيث السيولة اليومية، إذ تُجرى فيه معاملات تتجاوز 6 تريليونات دولار يوميًا.
سوق الأسهم (Stock Market):
حيث تُطرح الشركات أسهمها للتداول، وتُباع وتُشترى بين المستثمرين. سعر السهم يتغير وفقًا للعرض والطلب، والأداء المالي للشركة، والتوقعات المستقبلية.
سوق المعادن (Commodities Market):
مثل الذهب والفضة والبلاتين والنحاس، ويشمل أيضًا سلعًا أخرى مثل النفط والغاز الطبيعي.
السلع الزراعية:
من أبرزها البن، القمح، الذرة، الكاكاو، السكر وغيرها. هذه الأسواق أيضًا تشهد تداولات نشطة، وهي متأثرة بعوامل عديدة منها الأحوال الجوية والسياسات الزراعية.
ماذا عن المؤشرات – مقياس أداء الأسواق؟
واحدة من المصطلحات التي تتكرر في النشرات الاقتصادية هي “المؤشر”. فالمؤشر ببساطة هو مقياس يعبر عن أداء مجموعة من الأسهم داخل السوق. لكل دولة، بل ولكل قطاع أحيانًا، مؤشر خاص يقيس نشاطه.
أمثلة على مؤشرات الأسواق:
مؤشر EGX30 (مصر):
يضم أكبر 30 شركة مدرجة في البورصة المصرية من حيث السيولة والنشاط.
مؤشر داو جونز (أمريكا):
واحد من أقدم المؤشرات في العالم، يقيس أداء 30 شركة صناعية كبرى مدرجة في بورصة نيويورك.
مؤشر ناسداك (NASDAQ):
يركز على شركات التكنولوجيا والابتكار، ويشمل شركات مثل أبل، وأمازون، ومايكروسوفت.
ارتفاع المؤشر يعني أن معظم الشركات المكونة له قد ارتفعت قيمتها، بينما انخفاضه يدل على العكس.
هل توضح لنا المصطلحات المالية الأساسية التى ينبغي معرفتها؟
لفهم أسواق المال، لا بد من التعرف على بعض المصطلحات الجوهرية:
السهم
هو وحدة ملكية في شركة. يمتلك حامل السهم حق التصويت في الجمعيات العمومية، وقد يحصل على جزء من أرباح الشركة (توزيعات الأرباح).
السند
هو ورقة مالية تمثل قرضًا من المستثمر للشركة أو الحكومة، مقابل فائدة ثابتة تُدفع دورياً.
التداول
عملية بيع وشراء الأوراق المالية. يمكن أن يتم في البورصة أو عبر منصات إلكترونية.
السيولة
تشير إلى سهولة تحويل أصل مالي إلى نقد دون خسارة كبيرة في قيمته. كلما زادت السيولة، زادت سهولة الدخول والخروج من السوق.
الرافعة المالية
أداة تمكن المتداول من فتح صفقات أكبر من رأس ماله الحقيقي، لكنها تزيد من المخاطرة بشكل كبير.
الهامش (Margin)
هو المبلغ الذي يجب على المتداول إيداعه لفتح صفقة باستخدام الرافعة المالية.
الاكتتاب العام (IPO)
العملية التي تطرح فيها الشركة أسهمها لأول مرة للجمهور في السوق، ما يمكّنها من جمع تمويل جديد.
كيف تري أهمية فهم هذه المصطلحات في حياتنا اليومية؟
قد يظن البعض أن متابعة أسواق المال محصورة على المستثمرين أو المحللين، لكن الحقيقة أن تأثير الأسواق المالية يمتد إلى كل فرد في المجتمع، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. إليك بعض الأمثلة:
ارتفاع الدولار يؤثر على الأسعار المحلية للسلع المستوردة.
تراجع سعر النفط ينعكس على تكلفة النقل والطاقة.
انخفاض البورصة قد يؤثر على صناديق التقاعد أو الاستثمارات طويلة الأجل.
فهمك لهذه المصطلحات يعطيك ميزة تنافسية في اتخاذ قرارات مالية أكثر وعيًا، سواء تعلق الأمر بالادخار، الاستثمار، أو حتى متابعة الأخبار الاقتصادية بنظرة تحليلية.
الأسواق المالية والاقتصاد العالمي
لا تعمل الأسواق المالية في جزر معزولة، بل تتفاعل بشكل متبادل مع الأحداث العالمية:
قرارات البنوك المركزية تؤثر على أسعار الفائدة وبالتالي على حركة الأسواق.
التوترات الجيوسياسية قد تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب.
التطورات التكنولوجية تفتح قطاعات جديدة للاستثمار مثل الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية.
فمثلًا، رفع سعر الفائدة في أمريكا يدفع المستثمرين نحو الأصول الدولارية، مما يؤثر على الأسواق الناشئة سلبًا. كما أن اضطرابات سلاسل الإمداد تؤثر على أسعار السلع عالميًا.
ما هي نصائحك للمبتدئين؟
ابدأ بالقراءة والتعلّم المستمر: خصص وقتًا لفهم المصطلحات الأساسية.
تابع نشرات الأخبار الاقتصادية بتركيز، ودوّن ما يصعب عليك فهمه.
جرّب حسابات التداول التجريبية قبل أن تستثمر مالك الحقيقي.
لا تنخدع بالإعلانات المضللة على الإنترنت، واستعن بمصادر موثوقة.
استثمر في نفسك أولًا، قبل أن تستثمر أموالك.
المعرفة طريقك نحو استقرار مالي ووعي اقتصادي كيف تري ذلك؟
في عالم تزداد فيه أهمية أسواق المال يوماً بعد يوم، يصبح الوعي بالمصطلحات والمفاهيم المالية ضرورة لا رفاهية. قد تكون أول خطوة هي فهم معنى “سهم”، أو “مؤشر”، لكن مع الوقت سيصبح لديك القدرة على تقييم فرص الاستثمار، ومتابعة الأخبار، وفهم كيفية تأثير قرارات الدول والبنوك على حياتك اليومية.
إن بناء الثقافة المالية هو أول استثمار يجب أن نضعه في اعتبارنا، وهو أساس كل تطور شخصي أو اقتصادي. فافتح هذا الباب اليوم، وابدأ رحلتك في عالم المال بثقة وعقلانية.