هيكل فى قلب العاصفة (١-٢)

ـ فى سبتمبر عام ١٩٨١ بدأت فى مصر عاصفة سياسية. فى يوم ٤ سبتمبر كانت العناوين الرئيسية للأهرام «ضبط ٥٣٣ من العناصر المحرضة على الفتنة الطائفية، وتم سحب تراخيص الصحف الدينية وبعض صحف المعارضة ومنها جريدة الشعب». وخبر آخر فى نفس الصفحة بعنوان «العناصر المتهمة تضم قساوسة ومطارنة ومن يسمون أمراء الجماعات الإسلامية» وبعض محررى الصحف الدينية والحزبية، ومن بين أئمة المساجد: عبدالرشيد صقر إمام مسجد المنيل، والشيخ عبدالحميد كشك إمام مسجد عين الحياة بالقبة، والشيخ حافظ سلامة إمام مسجد النور والشهداء بالسويس، والشيخ السيد الملثم إمام مسجد سوهاج، والشيخ يوسف البدرى خطيب مسجد حلوان، ومن بين المطارنة والقساوسة: الأنبا ويصا مطران البلينا، والقمص باسيلى راعى كنيسة كاهن العذراء بشبرا، والأنبا بيشوى مطران قنا، والقمص ملطى كاهن كنيسة بالإسكندرية، والقمص لوقا سيداروس بكنيسة مارجرجس بالإسكندرية، وقد وجهت إليهم إتهامات بإثارة المشاكل التى تؤدى إلى الفتنة الطائفية. ومن بين أفراد الجماعات الإسلامية حلمى الجزار الذى أعطى نفسه لقب أمين عام الجماعات الإسلامية
ـ وشملت الاعتقالات فؤاد سراج الدين، السياسى المخضرم رئيس حزب الوفد الجديد، والدكتور حلمى مراد الأستاذ بحقوق القاهرة ووزير التعليم السابق، والدكتور محمود القاضى المعارض العنيد فى مجلس الشعب، والدكتور ميلاد حنا، المفكر السياسى، وشملت أيضا عمر التلمسانى، رئيس تحرير مجلة «الدعوة» والمرشد العام للإخوان فيما بعد، وحامد زيدان رئيس تحرير «الشعب». وعلى الصفحة الأولى أيضا كان مقال الأستاذ إبراهيم نافع، رئيس تحرير الأهرام، بعنوان «اقتلاع جذور الفتنة قرار مستقبل ومصير».
ـ وفى يوم ٥ سبتمبر كانت العناوين فى الصفحة الأولى تقول: «السادات يكشف فى خطابه للشعب التفاصيل المذهلة لمؤامرة الفتنة الطائفية – عدد المتهمين يرتفع إلى ١١٠٠». وفى هذا اليوم كتب الأستاذ صلاح منتصر عموده اليومى فى الأهرام «مجرد رأى» بعنوان «إجازة من فضلك». وفى اليوم التالى – ٦ سبتمبر – كانت عناوين الصفحة الأولى للأهرام «إعلان ثورة العمل الداخلى» – إلغاء القرار الجمهورى بتعيين البابا شنودة بطريركًا للأقباط – تشكيل لجنة من ٥ أساقفة للقيام بالمهام البابوية – نقل عدد من هيئات التدريس بالجامعات إلى الوزارات ونقل ٦٧ صحفيًا وإذاعيا إلى هيئة الاستعلامات – حل ١٢ جمعية إسلامية ومسيحية تمارس نشاطًا ضد الوحدة الوطنية – إلغاء تراخيص ٧ صحف ومجلات أسهمت فى إثارة الفتنة الطائفية – السادات يقول «أريد تشريعًا لمواجهة خروج الفتيات على طاعة الآباء بتحريض الجماعات الإسلامية» – لن أطلب إلغاء حزبى العمل والتجمع على الرغم من أنهما يستحقان الحل.
ـ وفى مجلس الشعب قال الرئيس السادات: للديمقراطية أنياب أشرس من الديكتاتورية – وأصدر الرئيس السادات ثلاثة قرارات بقوانين الأول: بتعديل قانون الجامعات بالنص على تشكيل مجلس تأديب الطلاب برئاسة العميد ولا يجوز الطعن فى القرار الصادر من هذا المجلس إلا بطريق الاستئناف أمام مجلس تأديب أعلى برئاسة نائب رئيس الجامعة، وبذلك يمتنع على القضاء النظر فى الطعون فى قرارات مجالس التأديب.. والثانى: بتعديل قانون الأحزاب السياسية بالنص على معاقبة بالسجن لكل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار أو مول تنظيمًا حزبيًا غير مشروع ولو كان مستترًا تحت ستار دينى أو فى وصف جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا كان التنظيم الحزبى غير المشروع معاديًا لنظام المجتمع أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى أو أخذ طابع التدريبات التى تهدف الإعداد القتالى، أو إذا ارتكب جريمة بناء على تخابر مع دولة أجنبية، وتكون العقوبة الحبس لكل من ينضم إلى مثل هذه التنظيمات، والثالث: قرار بقانون لتعديل قانون «حماية القيم من العيب» بإضافة نص على أن يكون الفصل فى التظلمات من الإجراءات
ـ ووفقا للمادة (٧٤) من الدستور.أصدر الرئيس السادات ٩ قرارات جمهورية بنقل بعض الصحفيين والإذاعيين للاستعلامات، ونقل بعض أساتذة الجامعات لوظائف أخرى، وحل الجمعيات الممارسة لنشاط هدد الوحدة الوطنية، وإجراء تحقيق سياسى مع المتحفظ عليهم أمام المدعى الاشتراكى، والتحفظ على أموال ومقار الصحف الملغاة تراخيصها وأموال الهيئات التى هددت الوحدة الوطنية، وتشكيل لجنة للوحدة الوطنية، ودعوة الناخبين للاستفتاء على إجراءات حماية الوحدة الوطنية، وقال الرئيس السادات للصحفيين:
من المحتمل أن يكون هناك مزيد من إجراءات التحفظ، إنه تطهير وأنا لا أقوم فى هذا بالقضاء على المعارضة كما يراه بعضكم.
rmelbanna@gmail.com