هل يُعيد استئناف الحفر في حقل ظهر تشكيل خريطة الطاقة في مصر؟

يُعد حقل غاز ظهر أحد أهم الاكتشافات الغازية في منطقة البحر المتوسط، وأحد الركائز الأساسية في استراتيجية مصر لتعزيز أمنها الطاقوي وتحقيق التنمية الاقتصادية، ومع إعلان شركة “إيني” الإيطالية بالتعاون مع وزارة البترول المصرية عن استئناف الحفر في حقل ظهر ، تُجدد مصر التزامها بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي باستخدام أحدث التقنيات، ما يفتح آفاقاً جديدة لدعم الصادرات وتقليل الاعتماد على الواردات

أعلنت وزارة البترول المصرية بالتعاون مع شركة “إيني” الإيطالية استئناف عمليات الحفر في حقل “ظهر” للغاز الطبيعي، الذي يعتبر واحداً من أكبر اكتشافات الغاز في منطقة البحر المتوسط، وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة مصر لتعزيز قدراتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي، وضمان استدامة الموارد لتلبية الطلب المحلي المتزايد والتوسع في الصادرات.

من جانبه أكد متحدث باسم شركة “إيني” الإيطالية للطاقة، أن الشركة تستعد لاستئناف أعمال الحفر في حقل غاز “ظهر” البحري في مصر، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار التنسيق المستمر مع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية.

استئناف الحفر في حقل ظهر

تستعد سفينة الحفر “سايبيم 10000” لاستئناف عملياتها في الحقل، ومن المقرر أن تصل إلى مصر خلال الأسابيع المقبلة. وستُستخدم تقنيات حديثة تهدف إلى زيادة إنتاج الغاز وتعزيز كفاءة العمليات. ووفقاً لتصريحات وزارة البترول، فإن هذه الخطوة تتماشى مع خطط مصر لزيادة إنتاج الحقل ليصبح مصدرًا رئيسيًا للغاز الطبيعي في المنطقة.

في النصف الأول من عام 2024، بلغ متوسط إنتاج حقل “ظهر” حوالي 1.9 مليار قدم مكعب يوميًا، وتهدفمصر من خلال التعاون مع “إيني” إلى زيادة الإنتاج، خاصة مع التوقعات بإضافة بئرين جديدين بحلول منتصف عام 2025، مما يساهم في رفع الإنتاج بمقدار 220 مليون قدم مكعب يوميًا.

وسبق وردت وزارة البترول على تقرير نشرته وكالة “بلومبرج” بشأن تأجيل شركة “إيني” للإنتاج الجديد من الحقل إلى مايو 2025 بدلاً من يناير بسبب ظروف البحر خلال الشتاء. وأكدت الوزارة أن الجدول الزمني يسير كما هو مخطط له، حيث ستصل سفينة الحفر في يناير الجاري. كما أوضحت الوزارة أن شركة “إيني” استقدمت حفاراً إضافياً بنهاية ديسمبر 2024 للعمل على حفر آبار جديدة، ما يعكس التزام الجانبين بمواصلة تطوير الحقل.

وكشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن تحدٍ واجهته الحكومة يتعلق بتأخر سداد مستحقات “إيني”، مما أدى إلى توقف الاستثمارات الجديدة في الحقل. ومع التزام الدولة بسداد المستحقات الشهرية، تم الاتفاق على عودة الحفار الرئيسي لاستئناف العمل. وأكد مدبولي أن الحفار سيُساهم في استعادة الإنتاجية الكبيرة للحقل بحلول منتصف 2025.

اقرأ أيضًا: الحكومة المصرية تنفي وجود مشاكل في حقل ظهر

الاستثمارات المستقبلية

أشار رئيس الوزراء إلى أن إجمالي الاستثمارات في حقل “ظهر” وصل إلى 12 مليار دولار حتى يوليو الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأعلن أن العمل بدأ لحفر البئر رقم 20 بالحقل باستثمارات تبلغ 70 مليون دولار، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 2.3 مليار قدم مكعب يومياً بعد تشغيله.

ومن جانبه يقول ياسين أحمد خبير أسواق النفط، يمثل حقل غاز “ظهر” علامة فارقة في قطاع الغاز المصري، ليس فقط باعتباره أكبر اكتشاف للغاز في البحر المتوسط، ولكن أيضاً كونه جزءاً من رؤية مصر الاستراتيجية لتحقيق الأمن الطاقوي وزيادة الصادرات،ومع عودة عمليات الحفر واستمرار التعاون مع شركة “إيني”، أظهرت مصر التزاماً واضحاً بتعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة.

وأضاف خبير أسواق النفط إن حقل “ظهر”، الذي اكتُشف عام 2015، يعتبر من الركائز الأساسية لاستراتيجية مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، ويحتوي الحقل على احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، مما جعله محط أنظار الشركات العالمية منذ اكتشافه.

وأكد إن إعادة التركيز على حفر الحقل وتوسيع عملياته الإنتاجية من شأنه أن يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، ويدعم الإيرادات الحكومية من خلال زيادة الصادرات، كما أوضح أن هذه الخطوة تساهم في تحسين الميزان التجاري لمصر عبر تقليل فاتورة الواردات وزيادة العوائد الدولارية.

قد يهمّك أيضًا: مصر تخفض مستهدفاتها من الطاقة المتجددة

التعاون مع “إيني” الإيطالية

ولفت إلى أن شركة “إيني” الإيطالية، الشريك الرئيسي في تطوير الحقل، أبدت التزامها بتوفير أحدث التقنيات لضمان كفاءة الإنتاج والحفاظ على البيئة، مؤكدًا أن هذا التعاون يعد نموذجاً ناجحاً للشراكات الدولية في قطاع الطاقة، يبرز الثقة العالمية في الاقتصاد المصري.

ووفقاً لوزارة البترول، فإن الحفر المستمر في “ظهر” يهدف إلى تحقيق إنتاج يومي مستقر يتجاوز 2.7 مليار قدم مكعب من الغاز، مع تعزيز شبكة الأنابيب والبنية التحتية لضمان توصيل الغاز للأسواق المحلية والدولية. كما تضع الحكومة هدفاً استراتيجياً لتحويل مصر إلى مصدر رئيسي للطاقة في المنطقة، خاصة مع تنامي الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي بسبب التغيرات الجيوسياسية.

من جانبه أكد الدكتور ناصر حسن، الخبير الاقتصادي، أن الاستثمارات الجديدة في حقل “ظهر” تشكل دفعة قوية لاقتصاد مصر، خاصة في ظل سعي الحكومة لزيادة الإيرادات الدولاري، وأوضح أن نجاح مصر في تطوير الحقل منذ اكتشافه أبرز قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الحيوية.

كما تعكس عودة عمليات الحفر في حقل “ظهر” التزام مصر بتعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية، وتعزيز الشراكات الدولية، ومن المتوقع أن يكون لهذا التطور تأثير إيجابي كبير على قطاع الطاقة والاقتصاد ككل، مع استمرار مصر في تحقيق خطوات ملموسة نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى