بقلم
ا.د/ محمد عطية مرتضي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ مازال الأستاذ الدكتور محمد عطية مرتضي يواصل مقالاته الساخنة لجريدة البلاغ الدولية ويفتح صندوق أسراره الطبي الزاخر بالعديد من الأبحاث العلمية والطبية حيث يضع النقاط فوق الحروف حول حقيقة ما يثيره البعض عن علاج بعض الأمراض وهي في حقيقتها لا تعدو أن تكون مجرد اجتهادات وفتاوى تخالف العلم والأبحاث الطبية التي انتهي إليها العلم الحديث
ـ وفي هذا المقال يتحدث العالم الكبير ويضع النقاط فوق الحروف ويتحدث عن حقيقة مايشاع عن الآثار الجانبية لأدوية الروماتيزم((الحسبة المحسوبة)).
ـ عندما نتحدث عن الاثار الجانبية لادوية الروماتيزم: الحسبة المحسوبة تجدر الإشارة بنا الي التنويه أنه من العبارات الشائعه بين الناس علي مختلف مستوياتهم الإجتماعيه والثقافية في مصر فأحيانا قد نأخد الدواء لكي نصلح شيئا فتفسد اشياء! وهذا يعكس الشكوك الكثيرة والمخاوف القوية من الآثار الجانبية للأدوية
ـ وحين يأتي الحديث عن أدوية الروماتيزم تتضاعف المخاوف حتي أنني كطبيب للروماتيزم ألاحظ ان المرضي ومرافقيهم يخافون من العلاج أكثر بكثير من خوفهم من المرض نفسه
ـ فهل هذا الخوف مبرر وهل تحدث فعلأ الآثار الجانبية المرعبة المكتوبة في الوصفه المصاحبة للدواء؟
ـ لكي نجيب عن تلك الأسئلة يجب ان ندرك شيئا ولو بسيطا عن الطريقة التي يصل بها الدواء الي روشتة الطبيب فكيف يحدث هذا؟
ـ عادة ما تبدأ فكره الدواء الجديد بناء علي دراسات معملية سابقة في علوم الكيمياء والفسيولوجي والباثولوجي تكتشف جديدا في طرق الاصابة بالأمراض المختلفة فكلما فهمنا كيف ينشأ المرض كلما طورنا ادوية لعلاجه وكلما أصبح لدينا اهدافا للعلاج
ـ لذا بعد تطوير مادة مفترضة لتكون دواء يتم اختبار هذه المادة في المعمل للتأكد من إنه فعلأ تؤدي المهمة المطلوبة توقف فعالية انزيم معين مثلأ أو تغلق أحد المستقبلات علي الخلية مثلا بعد للتأكد من الفعالية المعملية للمادة يتم البدء في المرحلة الثانية وهي تجربتها علي الحيوانات لبيان مدي الفعالية وأيضا الآثار الجانبية علي الحيوانات وبيان مدي الامان
ـ وحين نطمئن من التأثير علي الحيوانات تبدأ المرحلة الثالثة وهي اختبار الدواء المحتمل علي عينة صغيرة من المتطوعين لبيان مدي الامان أولا والفعالية ثانيا وهنا يبدأ تقييم ما اذا كانت الاثار الجانبية اقل بكثير من الفوائد المحتملة للدواء وهي نتيجة فيصلية فان لم يثبت الدواء المقترح ان اثارة الجانبية اقل بكثير من مشاكل المرض الذي قد تتوقف معه حينها الابحاث ويتم صرف النظر عن هذا الدواء بينما حين ننتهي هذه المرحلة بنجاح وباطمئنان يتم الذهاب إلي المرحلة الاكثر أهمية وهي تجربة الدواء الجديد وهنا فقط يعطي اسما معينا وتتم تجربته علي عدد ضخم من المرضي ويتم تقسيمه علي الأقل إلي قسمين متماثلين من حيث السن ونسبة الذكور الي الاناث وكذلك الوزن واخيرا مدي شدة المرض ونشاطه ويتم إعطاء أحد القسمين الدواء الجديد بينما يعطي القسم الاخر دواء مموها لا يحتوي على أي ماده فعالة ويتم هذا علي شرط ان المريض لا يعرف ما إذا كان يأخذ الدواء الحقيقي أو المموه وذلك بموافقه مسابقة منه علي ذلك كما أن الأطباء الذين يتابعون تأثير الدواء من حيث الفعالية والأثار الجانبية ايضا لا يعرفون من من المرضي الذين يتابعون في أي قسم وذلك لكي لا يتأثر المرضي أو الأطباء بالمعرفة المسبقة إنهم يتناولون دواء جديد وسعادة يكون هناك طبيب واحد علي علم بتوزيعة المرضي بين القسمينوبا يشارك هذا الطبيب في عملية المتابعة أو رصد الآثار الجانبية
ـ في هذة المرحلة تظهر بالضبط الآثار الجانبية ومدي الفعالية للدواء الجديد واذا ما كانت النتائج طيبة فإن الشركة المنتجة تتجة لتسجيل هذا الدواء لدي الهيئات المسئولة
ـ وهنا علي حسب الفعالية والاثار الجانبية يتم تحديد الحالات التي يتم فيها استعمال الدواء مثلا ان كانت الآثار الجانبية قوية أكثر من الآثار الجانبية للأدوية الحالية فيستعمل الدواء في الحالات الصعبة التي لم تستجب للعلاج الموجود حاليا والعكس ان كانت الفعالية أكبر والاثار الجانبية أقل يمكن أن يحل الدواء الجديد محل الأدوية القديمة
ـ وهنا تبدأ الشركة في تقديم الدواء الجديد للاطباء وتعلن عن كل شئ في التجارب خاصة المرحلة الاخيرة ويتم تسعير الدواء بحيث يغطي تكاليف الابحاث التي اجريت مسبقا بالاضافة الي تكلفة الإنتاج والتسويق
ــ والسؤال الذي يطرح نفسه الآن :
– هل هكذا إنتهت العملية لا لم تنته بعد!
ـ فبعد ذلك يتلقف الأطباء الدواء وبعد فترة من استعماله يتم اجراء دراسات مقارنة عديدة بين الدواء الجديد وغيره من الأدوية الموجودة بالفعل لبيان مدي الفرق في الفعالية والأثار الجانبية
ـ ويتم تجميع هذه الدراسات من كل انحاء العالم وعمل دراسة مجمعة تحليلية ومرجعية ترصد ايضا الآثار الجانبية والفعالية وبناء علي الدراسات المرجعيه يجتمع كبار الأطباء ويصدرون التوصيات الخاصة بعلاج هذا المرض متضمنة كيفية ادخال العلاج الجديد في البروتوكول الخاص بعلاج المرض
ـ هل تنتهي العملية عند ذلك!
لا فبعد كل خمس سنوات تقوم هيئات الدواء المختلفة حول العالم بدراسة الآثار الجانبية المعروف من قبل والتقدير تكون ققد ظهرت مع الاستعمال ومقارنتها بالدراسه التي تثبت نسبة الفعالية وبنم عمل الحسبة من جديد كل سنة بحيث يضمن الطبيب قبل المريض ان الآثار الجانبية المحتملة للدواء اقل بكثير وبما لا يقارن مع آثار المرض نفسه ومضاعفاته المحتملة
ـ ومن ناحية اخري تقوم الهيئات الطبية حول العالم بتحديث التوصيات والارشادات وتعميمها علي الأطباء في كل انحاء العالم كلما لزم الامر وعادة كل خمس سنوات وتتضمن أي جديد بل ان أي طبيب في العلم تصل له آثار جانبية جديدة للدواء الجديد يقوم علي الفور بابلاغ الشركة وهذا الامر يتم بشفافية مطلقة ولا يمكن التلاعب بها بأي حال من الاحوال وهناك العديد من الأدوية تم سحبها من قبل الشركة المسئولة بناء علي اوامر الهيئات المنظمة بعد طهور آثار جانبية أخلت بالمعاملة التي تحدثنا عنها
ـ مما سلف إيضاحه نكون قد أوضحنا باستفاضة في بيان طريقة التعامل مع الدواء سواء الجديد أو القديم لكي يدرك القارئ ان العملية معقدة للغاية ومحكمة للغاية وإن الحسبة محسوبة ويتم إعادة حسابها عدة مرات علي فترات زمنية متوالية
ـ وأخيرا عزبزي المريض إطمئن لدوائك وثق في طبيب ودع الهواجس وتوكل علي الله واتركها للطبيب فهي مسئوليته ان يشخص المرض ويحدد درجه شدته والعلاج المناسب له استرشادا يالتوصيات العلمية الحديثة ـ وإن ظهرت آثار جانبية فإنها مسئوليته ان يتعامل معها أمت محاولة التدخل في هذا الأمر بن تجني منها إلا القلق وتضييع فرصة العلاج المناسب
ـ وهذا لا يمنع مناقشة اية مخاوف من اي دواء مع الطبيب المعالج
ـ والي لقاء في عدد آخر والحديث عن موضوع آخر مهم جدآ ( انتظرووونا )
من هو ؟
– ا.د/ محمد عطيه مرتضي
– أستاذ الروماتيزم وأمراض المفاصل والمناعة
– واستشاري أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري بكلية الطب جامعة الزقازيق
– وعضو الاوميراكت الدولية لسونار المفاصل والجهاز الحركي والأستاذ بقسم الروماتيزم والتأهيل جامعة الزقازيق
– ومدير وحدة فحص المفاصل بالموجات فوق الصوتية بالجامعة
– ورئيس قسم السونار بكلية الطب جامعة الزقازيق وزميل جامعة باريس – فرنسا
– والحاصل علي زمالة الجمعية الأوربية للروماتيزم
– وأول من أدخل بعياداته ومراكزه الطبية الكشف باستخدام الدوبلر الملون والموجات الفوق صوتيه.
M_a_mortada@yahoo.com