تحليل إخباري
كتب الصحفي رامي فرج الله
مراسل البلاغ
مدير مكتب الاتحاد الدولي للصحافة العربية بفلسطين
عضو اللجنة الإعلامية بالأمم المتحدة
الكل شاهد يحيى السنوار ، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مسجى بدمائه في منزل مهجور، و مكشوف، بحي تل السلطان برفح، جنوبي قطاع غزة.، و قد وجده جنود الاحتلاليلبس جعبة، و معه مخازن رصاص ، و خريطة للمنطقة المتواجد بها.
لماذا قائد و زعيم الحركة يتواجد في منطقة محاصرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، و تشهد فيها نشاطات عسكرية؟، هل كان لابد من وجود السنوار هناك؟، ولم لم يكن معه سرية من مقاتلي كتائب القسام؟، و هل الاشتباك معه كان محض صدفة؟
لا أعتفد أن قائدا كالسنوار تواجد في المكان صدفة، أو أنه خرج من نفق ليقاتل، لأن القائد ينبغي عليه أن يتحصن جيدا، ليتمكن من إدارة المعركة، و وضع الخطط و الاستراتيجيات لها، كما أنه هو الذي كان يفاوض الاحتلال لإتمام صفقة تبادل جديدة.
فيحيى السنوار تميز بأنه رجل صلب، و عنيد ، و تخلص من خصومه، و معارضيه، ومحافظ على نفسه، و لا يثق بأحد، فكيف يمكن أن يتواجد في بيت مهجور، و على مقربة كبيرة من عمليات الاحتلال العسكري بالمنطقة، و ليس معه عدد كاف من المقاتلين؟.
أضف إلى ذلك ، أنه طيلة أيام الحرب على مدار سنة كاملة ، سمعنا أن قائد لواء استشهد في اشتباكات مع الاحتلال في غزة، بل ، كنا نسمع عن مقاتلين من القسام قتلوا في أرض المعركة، أما قائد لواء إما أنه يتم استهدافه في نفق، و إما في منزل، مثل قائد النصيرات إسماعيل السراج، و نائبه أحمد وهبة، على سبيل المثال لا الحصر.
علاوة على ذلك، أن كتائب القسام على لسان ناطقها، أعلن أنه تم تجنيد ٤٠٠٠ مقاتل في رفح، و منطقيا مع كل مجموعة قائد ميداني، و ليس قائد لواء أو نحوه.
صحيفة وول ستريت الأمريكية في شهر أيلول الماضي، أكدت أن السنوار زعيم حماس يبتعد عن استخدام التكنولوجيا، و الوسائل الرقمية، و أنه يستخدم في مراسلاته وسائل غير الكترونية ، و إنما بخط اليد، ليحمي نفسه من مراقبة الاحتلال له.
و هنا، بناء على ما تقدم يمكن وضع احتمالات لموت السنوار بالصورة التي سمعناها، و شاهدناها عبر وسائل الإعلام المختلفة:
١- زعيم الحركة أصيب بالإحباط عندما وجد أن الغالبية العظمى من مقاتلي كتائب القسام قتلوا ، فخرج من مخبئه تحت الأرض إلى سطحها، و أنه أراد أن يموت شهيدا، لا قتيلا ولا أسيرا، ولا طريدا.
٢- أنه شعر بوجود خيانة ممن حوله للتخلص منه، ففضل الشهادة على القتل بنيران حركته.
٣- أن السنوار لديه ( جنون العظمة ) فأراد أن يخلد نفسه بطريقة استشهاده، حتى لا ينساه التاريخ.
٤- في أيلول/ سبتمبر الماضي ، رصدت إسرائيل مكالمة هاتفية بالوسيط القطري لبلغه بشروط أي صفقة تبادل ، و ذلك في مواصي خانيونس، و تم قصف المكان من قبل مقاتلات الاحتلال.
٥- أنه تم تصفيته من أحد أتباعه، ثم قام بإلقائه في المنزل، و وألبسه الجعبة، و أرسل معه من يشتبكون مع جنود الاحتلال، لتوجيه الأنظار إليه.
و قد كشف بايدن في تصريحاته عند الإعلان رسميا بمقتل السنوار أن المخابرات الأمريكية ساعدت في تعقب قادة و منهم يحيى السنوار.
كما أن رواية استشهاده مثلما أعلن عنها الاحتلال أن جنوده اشتبك معه دون معرفة به، و أرسل مسيرة تصويرية إلى المنزل، و عندما اقتربت منه و صورته قام بإلقاء شيئ عليها في محاولة منه لإسقاطها، فإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم يبث الاحتلال فيديو يوثق ما جرى مع السنوار قبل استشهاده؟.
قناة روسيا اليوم الرسمية كشفت أن السنوار كان يرافقه ابن أخيه، و لاذ بالفرار و معه توصيات عمه بصدد صفقة التبادل،و مذكراته، و وثائق لم يعرف محتواه.
جو بايدن، الرئيس الأميركي ، ألمح في تصريحاته ، عقب استشهاد زعيم حماس، أن نتانياهو أبلغه بإمكانية اغتياله، إضافة إلى أن بعد استشهاد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، و حسب اللوائح الداخلية التنظيمية للحركة يتولى المنصب نائبه خليل الحية ، و تكليفا وليس تشريفا، إلا أن الأخير رفض، و تم تولي يحيى السنوار رئاسة المكتب السياسي.
و أيضا، لم تبث الحركة فيديو يوثق اشتباك يحيى السنوار مع الاحتلال برفح، طالما أنها تبث فيديوهات توثق مقارعة الاحتلال، و نصب كمائن له بمناطق النزاع بقطاع غزة.
كل ذلك يفند الروايات المتضاربة حول استشهاده، بيد أن هناك تأكيدات من مشرحة الاحتلال عندما أخذت جثته للتشريح، تم اكتشاف موته في ٢٣ من الشهر المنصرم، وليس ١٧ الشهر الحالي، و هذا يقودنا إلى تساؤل في غاية الدقة: هل قدمت حماس زعيمها ( كبش فداء) بهذا السيناريو، و التغني باستشهاده مقبلا غير مدبر لرفع رصيد ااحركة، و التفاف شعوب العالم حولها، بعدما خسرت كل شئ؟.
و في اتصال هاتفي أجراه مراسلنا ، بأحد قيادات حماس بغزة، و أحد المقربين من زعيم الحركة، رفض أن يذكر اسمه لحساسية الوضع بالقطاع، مؤكدا بعد مواجهته بما جاء في تقرير تشريح جثة السنوار: ” التقرير صحيح، و قد اطلعت عليه من خلال إحدى القنوات الفضائية”، مبينا أن يحيى السنوار ألمح له عن مخطط لتصفيته من قبل حركته، مشددا أن السنوار قال :” أفضل الموت بيد الاحتلال “.
و كشف أن السنوار كان يتنقل بحذر شديد من نفق لآخر، و حريص كل الحرص على المحافظة على نفسه حيا، من أجل إدارة معركته مع الاحتلال، موضحا أن السنوار كان يعتبر معركته ثأرا من الاحتلال، مضيفا : ” أنا من ضمن الذين طالبوا بفتح تحقيق بظروف استشهاده”، متسائلا:” لم لم يوثق حادثة اشتباكه مع جنود الاحتلال، كما يتم توثيق قنص جنود، أو تفجير دبابة ميركفاه؟.
و أوضح أن الروايات تعددت حول ظروف استشهاده، مؤكدا احتمال تصفيته، لأنه لم يكن يسمع من أحد، و كان يتخذ القرار من رأسه، دون الرجوع لمجلس شورى حركته، مما آثار غضب بعض القيادات أمثال د.موسى أبو مرزوق.
تبقى الاحتمالات، و الفرضيات بحاجة ماسة إلى أجوبة من قيادة الحركة بالخارج، و فتح تحقيق في ظروف استشهاده.