في بداية عملية طوفان الأقصى، دعت مجموعة عرين الأسود إلى التوجه لنقاط التماس والدخول إلى المستوطنات وخوض مواجهات مع المستوطنين، في بيان حدد موعد “الطوفان البشري” في الضفة الغربية. ومنذ ذلك اليوم، بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية 104، بينهم شهيدان في سجون الاحتلال. يعرف الإسرائيلي جدًا أن الضفة الغربية يمكن أن تفتح اشتباكًا مع كل مستوطنات الضفة، وعلى الرغم من القبضة الحديدية من القوات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية على حدّ سواء، إلا أنّ لضفة لم تشهد هدوءًا منذ اليوم الأول، حيث تشهد تلك الجبهة مشاغلة وإن كانت أقل حدّة من باقي الجبهات.
يستمرّ سكان الضفة بمحاولات إشعال نقاط التماس، واستهداف الحواجز الإسرائيلية من خلال إطلاق النار، بالإضافة إلى اندلاع مواجهات واشتباكات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، واستهدافهم للقوات الاسرائيلية بعبوات محلية خلال الاقتحامات الإسرائيلية. وبالطبع مسيرات مستمرة تنديدًا بمجازر الاحتلال في غزة. ألحق ذلك بخسائر وإصابات لدى القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى المشاغلة والتوتر لدى المستوطنين الناتج عما يمكن أن يحصل من طوفان الضفة.
من جهته، يعمل الاحتلال على فصل كل ساحة على حدة، للاستفراد “بالتكتيك” الموجود في وضعها الأمني، فيمنع سكان الضفة من ممارسة أي عمل مقاوم باسم “طوفان الأقصى”، فمنذ بدء العملية، لم تتوقف الاعتداءات الممنهجة على أهالي الضفة الغربية، والتي تأتي ضمن مسمى “العقاب الجماعي”. وكانت قوات الاحتلال قد شددت إجراءاتها العسكرية حول مدن وقرى الضفة الغربية، وزادت حواجزها العسكرية، وتواصل إغلاق معظم مداخل المدن والقرى في الضفة، وتفصلها عن بعضها بعضًا. إضافة إلى ذلك، عززت قوات الاحتلال منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى إجراءاتها العسكرية على الحواجز كلها، مما أدى إلى تقسيم الضفة الغربية. مع إغلاق ما يعرف “بمعبر الكرامة” الذي يربط الضفة الغربية بالأردن، كما غلقت جميع الحواجز العسكرية المحيطة بمدينة القدس. وبمواصلة قوات الاحتلال إغلاق “حاجز الكونتينر”، المقام على أراضي قرية السواحرة شرق القدس، والذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، فقد نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يُظهر التنكيل بالمواطنين على الحاجز، باقتيادهم الى داخل غرف مغلقة. ويضطر معظم الفلسطينيين إلى اختيار طرق صعبة وخطرة للدخول والخروج من مدنهم وقراهم بسبب الهجمات التي ينفذها مستوطنون ضدهم.
إلى ذلك، منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول تاريخ بدء العملية، سُجلت أكثر من 1350 حالة اعتقال، ضمن عمليات اعتقال ممنهجة كما عبر عنها نادي الأسير الفلسطيني، وتركزت عمليات الاعتقال في محافظات: الخليل، بيت لحم، والقدس وتوزعت بقية الاعتقالات على غالبية محافظات الضّفة. وهذه الحصيلة لا تشمل المعتقلين من العمال، ومعتقلين غزة التي لم تعرف هوياتهم واعداهم حتى اللحظة بشكل دقيق، للجهات والمؤسسات الفلسطينية. ولفتت هيئة الأسرى ونادي الأسير، إلى أنّ الاحتلال بدأ بتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة بحقّ الأسرى عن سبق إصرار، وذلك في ظل ارتقاء معتقلين في سجون الاحتلال، من الذين جرى اعتقالهم بعد تاريخ السابع من أكتوبر الجاري ضمن حملات الاعتقال الواسعة، وهما عرفات حمدان، وعمر دراغمة، واستنادًا إلى الشهادات والروايات التي تصل من معتقلين أفرج عنهم مؤخرًا، وفي ضوء المعطيات التي تصل للمؤسسات والتي تعكس مستوى الجريمة من اعتداءات وتهديدات بالقتل، وعمليات تنكيل على مستويات عدة. ويذكر أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال ووفقًا للمعطيات المتوفرة بلغ نحو (6600) بعد حملات الاعتقال المتصاعدة منذ السابع من أكتوبر، منهم على الأقل (50) أسيرة، وأكثر من (1600) معتقل إداري.
وعلى الرغم من كل ذلك الإطباق، دعت مجموعة عرين الأسود إلى مزيد من الانخراط في الحرب، في بيان أهالي الضفة الغربية، وإلى القيام والنهوض وإعلان الإضراب العام في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وذكر البيان أن “الحياة في قطاع غزة شلت بالكامل، فضلاً عن المجازر واستهداف المدنيين، لذلك لا يكفي الحداد فقط، ولا يعقل أن نتعامل مع غزة بإعلان الحداد وكأننا سكان دولة شقيقة”. وعرّج البيان على المواقف العربية الخجولة، مؤكداً أنّ “أقوى القرارات هي في رفض تهجير الشعب الفلسطيني، في وقت ينعقد فيه مجلس الحرب الصهيوني بشكل دائم وبحضورٍ أمريكي قوي وصريح”. ودعت “عرين الأسود” إلى الإضراب العام والشامل، واستمراره حتى تعود الحياة إلى غزة.
يظهر من خلال التدابير الأمنية التي تقوم بها قوات الاحتلال والسلطة الفلسطينية، أهمية الضفة الغربية في المعركة، وكان نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في بداية عملية طوفان الأقصى، وهو من بلدة العارورة في الضفة، قد صرّح أن الضفة الغربية هي كلمة الفصل في المعركة. ودعا أبناء الضفة بالمشاركة في معركة طوفان الأقصى”.